مصر تتحدى القُبح بالجَمَال (1)
كتبت: نرمين قاسم
تدقيق لُغوي: إسلام ثروت
الدولة المصرية تخطط لإهداء الجمال للعالم عن طريق المشروعات التي تعمل على إنشاء أنشطةٍ واستخدامات بديلة تؤكد وظيفةَ القاهرة كمركز ثقافي حضاري سياحي، مع حماية الهوية التاريخية من خلال التكامل مع النسيج العمراني التاريخي للمنطقة، وتحقيق التزاوج والتكامل بين البيئة التاريخية المتميزة للموقع، والبيئة العمرانية التي سيتضمنها الموقع الجديد، وخَلْق بيئة عمرانية مُلهِمة، تنطوي على الخيال والرؤية لمقصد سياحي ذى شخصية متميزة، وتقديم تجربة عمرانية وسياحية متميزة وقابلة للمنافسة.
وراعى المخطط الجديد الميزة النسبية للقاهرة التاريخية كموقع تراثٍ عالميٍ وهى المحرك وراء تنمية الموقع، وصياغة أنشطته التنموية المختلفة، والنظر لحدود القاهرة التاريخية التي سوف تنشأ عن إعادة التواصل بين مراحل نمو القاهرة التاريخية، ما يخلُق مقصداً سياحياً تاريخياً استثنائياً، يُشجع الأنشطة المختلطة التي تتناسب مع طبيعة المنطقة التاريخية.
ونبدأ أُولى سلسلة “مصرُ تتحدى القبحَ بالجمال” عن منطقةٍ طالما ظلمتها يد العشوائية وطَوَت رونقَها الجميل عبر السنين ،”عين الحياة” أو عين الصيرة سابقًا، تلك المنطقة التي شاهدها العالم أجمعٌ يوم موكب نقل المومياوات الفرعونية من المتحف المصري إلى متحف الحضارات.
وتقع بحيرة عين الصيرة جنوب الفسطاط، وهى بحيرة كبريتية اشتهرت في القرن الماضي بقدراتها على المساعدة في العلاج من الأمراض الجلدية، وتحولت فى الآونة الأخيرة لمنطقة عشوائية، ومرتعًا لغسيل وتنظيف الخيول والبغال وعربات الكارو والمنازل العشوائية والقبور، ومصرفًا صحيًا لسكان المنطقة، حتى تحولت مياهها الكبريتية إلى مياه ملوثة يملؤها الصرف الصحى، وقد تحول فضاؤها العامُّ إلى مستنقعٍ للحيوانات، وتجمُّع للمخالفات والتعديات.
بداية مشروع تطوير بحيرة عين الصيرة كانت فى نوفمبر من ٢٠١٩، وحينها كانت البحيرة ملجأ للمخلفات بجميع أشكالها. تبلغ المساحة الإجمالية للمشروع نحو ٦٨ فدانا، ٣٣ منها مساحة بحيرة عين الصيرة.
مرت البحيرة بعدة مراحل:
مرحلة التكريك، ثم الحفر، ثم رسم المخطط النهائي للبحيرة بعد التطوير، ثم جاءت مرحلة أعمال اللاند سكيب، التي تبدأ بعمليات إحلال الطبقات، ومن ثم أعمال الردم.
بعد الانتهاء من عمل «اللاند سكيب» جاءت مرحلة عمل الممشى السياحي بطول البحيرة، أكثر من ٢ كيلو متر.
تم عمل النوافير المائية داخل البحيرة، والتي تضيء بمختلف الألوان أثناء الليل.
هناك إنشاءات جارٍ تنفيذها، ومنها عمل المطاعم والكافيهات المحيطة بالبحيرة.
مشروع تطوير عين الصيرة قام بإزالة العشوائيات بمنطقة عين الحياة، وإزالة قسم شرطة مصر القديمة، وإزالة مركز شباب الإمام الليث، بتطهير البحيرة من المخلفات الصلبة وتهوية المياه لتعود إلى طبيعتها الساحرة وإنشاء جزيرة صناعية وسط المياه وعدد من النوافير، بالإضافة إلى المساحات الخضراء على جنبات البحيرة، وإنشاء مناطق ترفيهية ومطاعم ومسرح مكشوف.
وقد جاءت تلك الأعمال كي تُعيد لمنطقة عين الصيرة التراثية رونقها وقيمتها التاريخية لتضاهى بذلك الوجهات السياحية العالمية، وشملت أعمال التطوير إنشاء كوبري تقاطُع مجرى العيون والسيدة عائشة، وكوبري عين الصيرة ومتحف الحضارة، وكوبري تقاطُع الإمام الشافعى مع الأتوستراد، وكوبري تقاطُع مصر القديمة وكوبري العاشر، وكوبري تقاطُع محور الخيالة مع الطريق الدائري، ليتغير وجه المنطقة من القبح إلى الجمال.
وتضم منطقة عين الحياة بحيرة عين الصيرة وممشى سياحي بطول ٢٥٠٠ متر، يتخلله أماكن جلسات لكبار السن، يحيط البحيرة بأكملها من الخارج، وبجواره اللاند سكيب، والمناطق الخضراء.
في أعلى مكان بمحيط البحيرة، يستقر ٣ مطاعم، كي يستطيع الجالس داخلهم برؤية منظر البحيرة، والمتحف أيضاً، وعلى يمين ويسار البحيرة، تتواجد الكافيهات والأكشاك التجارية، التي ستوفر أكلات التيكاواي ، والمشروبات الساخنة والباردة، لزوار البحيرة.
وتتوسط البحيرة جزيرة الشاي، المصنوعة من أجود أنواع الأخشاب البلاستيكية المقاومة للعوامل الجوية، والتي تجعل الجالس داخلها، يرى كافة أرجاء البحيرة، والمتحف، بالإضافة إلى النوافير المائية داخل البحيرة.
على أطراف البحيرة، تم توفير ٤ دورات مياه مجمعة، لخدمة زوار البحيرة، وخزانات ري وخزانات حريق، بالإضافة إلى شبكات ري وشبكات حريق مؤمَّنة، لتأمين المشروع.
هناك مرسى قوارب، لتوفير الفسحة النيلية داخل البحيرة، والمسرح المكشوف الذي يطل على متحف الحضارة من ناحية، وعلى البحيرة من ناحية أخرى، وذلك لإقامة الحفلات سواء إحتفالات الدولة أو حفلات للجمهور، بالاضافة الى منطقة ألعاب للأطفال.
تم عمل محطة معالجة مياه البحيرة حرصا على عودة مياه البحيرة إلى طبيعتها، كمياه كبريتية للاستشفاء، وخلال ٣ شهور سيتم عودة المياه كما كانت قبل التلوث، وهناك مقترح لعمل مزرعة سمكية داخل البحيرة، وسيتم توزيع تلك الأسماك على المطاعم المحيطة بالبحيرة، وتوريدها للخارج فى حالة زيادة الإنتاج.
ولم يغْفَل المشروع أيضًا، توفير مناطق انتظار سيارات، تسهيلاً على الزوار، بجانب توفير أكثر من بوابة للدخول، منعاً للتكدّس أثناء دخول أو خروج الزوار.