يقول “سون أتزو” في كتابه (فن الحرب):
– “إن إخضاع العدو من دون قتال هو أرفع إمتياز، والعمل العسكري هو أقل الطرق جودة لإخضاع العدو، وتعلوها في المرتبة إستراتيجية إفساد تحالف العدو”.
– “لا تفتح على نفسك عدة جبهات في وقت واحد، تحالف مع أحد الأعداء حتى تنتهي من الأخر”.
– “لا تكرر التكتيك الذي فزت به سابقاً، إبتكر غيره، أو عدله بطريقة غير متوقعة”.
– “القتال والإنتصار في جميع المعارك ليس هو قمة المهارة، التفوق الأعظم هو كسر مقاومة العدو دون أي قتال”.
تلك بعض تكتيكات الحرب، ولكن ما لا يعلمه العامة أن للحرب أنواع عديدة منها على سبيل المثال:
– الحرب السياسية.
– الحرب الإقتصادية.
– الحرب الإلكترونية.
– الحرب العسكرية.
الحرب هي صراع يتخذ أشكالاً عدة، هدفها تحقيق هدف ما عبر إخضاع العدو من خلال القوة، وأعظم تكتيكات الحرب هي تحقيق هدف يستلزم عملية عسكرية بدون إستعمال القوة العسكرية.
وهو التكتيك المتبع في الآونة الأخيرة لمصر، حيث تحفظ قوتها العسكرية مع أستمرار تحديثها وتطويرها وتقويتها، وتستخدم أساليب أخرى لتحقيق أهدافها.
مثال على ذلك بتاريخ ٢٠ يونيو ٢٠٢٠ الجيش المصري يرسم خط أحمر للأتراك والمليشيات التابعه لها في ليبيا (خط سرت – الجفرة) وهو ما لم تتجازوه المليشيات حتى لحظة كتابة ذلك المقال، فما الذي جعل مصر تفرض كلمتها في غير أرضها، وتهدد قوة مسلحة مدعومة دولياً؟
وفي النهاية تم تنفيذ رغبة مصر.
الإجابة على ذلك السؤال هو قوة مصر السياسية والعسكرية والمخابراتية، وأوراق الضغط التي تملكها.
فـ بدون الإرتكاز على قوة عسكرية قوية وصلبة ما كان أحد ليهاب مصر وينفذ شروطها، وبدون جهاز المخابرات العامة الإحترافي المتمكن، الذي له في كل ركن في ليبيا رجال ما تم فرض كلمة مصر، ولولا ثقل مصر السياسي ما تم فرض كلمة مصر.
إن مصر تحتفظ بقوتها العسكرية لوقتها، العالم يعصف بالصراعات المتزايدة شرقاً وغرباً، وإذا أتتك القدرة على تنفيذ أمر ما بدون إستعمال القوة فهو أمر عظيم، لن ياتيك إلا بسبب قوتك الفعلية على أرض الواقع وما أنت بقادر على فعله بتلك القوة.
مثال أخر على ملف سد النهضة الإثيوبي:
سد النهضة هو بالأساس مشروع فاشل، حيث إن مصر لا تعارض التنمية الإفريقية عكس ما تزعم إثيوبيا في المحافل الدولية وكل مناسبة، إثيوبيا تُدرك جيداً الأخطاء الفنية في السد وذلك يتضح في تعنتها في المفاوضات، وعدم إكمال الملئ بالنسب التي وعدت بها في كل مرحلة وعدت بها.
مما يؤكد رؤية مصر الصحيحة للسد، وتجاهل تصريحات إثيوبيا الإستفزازية لجر مصر لضرب السد الذي هو بالأساس معرض لخطر الإنهيار، وهذا تدركه مصر جيداً لهذا تسير في مفاوضات وطرق سلمية لحل المشكلة سلمياً بدون إستعمال القوة، التي تتسبب تبعاتها في ضرر كبير لدولة السودان.
مثال أخر في فلسطين:
حيث إن لمصر لها القدرة على إخضاع جميع الأطراف، سواء الإحتلال الإسرائيلي أو الفصائل الفلسطينية، على وقف إطلاق النار، وهو ما لم تنجح به أي وساطة، وهذا بسبب قوة مصر ويدها التي تطال أي أرض بفضل أجهزتها السيادية وقواتها المسلحة.
مصر ليست ضعيفة، هي في أوج قوتها العسكرية منذ عصر محمد علي بك حتى الآن، هي تتعلم من دورس الماضي، ترتكز مصر الآن على قوة عسكرية جبارة تسمى القوات المسلحة المصرية، وعلى أجهزة سيادية قوية أبرزها جهاز المخابرات العامة.
هذا تكتيك مصر لإدارة الصراعات، النفس الطويل، مع قوة عسكرية قوية جاهزة لتنفيذ ما يطلب منها، فقد ولىّ زمن الإنجرار في الصراعات بالطرق التقليدية، التي يتبعها خسائر مادية وعقوبات دولية وإستنزاف قدرات الدولة.
من يحكم مصر قارئ للمشهد العالمي ويعي حجم التحديات جيداً ، العالم لم يعد كما كان في الماضي، الآن تغيرت القوى الدولية، فتغيرت معها أنواع الصراعات وتكتيكاتها، ولكن يظل الهدف واحد من الصراعات الناشبة وهي تحقيق هدف محدد من خلاله.