“الجمهورية الثانية” تفتح ملف الكنز المنسي.. لتسريع الإنجاز في “مسار العائلة المقدسة”
إتفاق بين المهتمين بالملف على أن هناك نقاط يجب الوقوف عليها لتسريع الإنجاز في واحد من أهم المشروعات التراثية على المستويات الدولى والمحلى والاقتصادى والاستراتيچى
تقرير : مرجريت عادل
منذ ساعات، احتفلت الحكومة والكنيسة الأرثوذكسية بذكرى زيارة العائلة المقدسة لمصر، وكانت هناك كلمات ومواقف مهمة من الحكومة متمثلة في وزيرة الهجرة السفيرة سها الجندي، والبابا تواضروس بابا الكنيسة المصرية الكرازة المرقسية، حول ضرورة دعم المسار والترويج له عالميا وتطوير المناهج الدراسية في هذا الإطار.
لكن الواقع به العديد من المواقف التي تحتاج لبعض المراجعات لتسريع الإيقاع، خاصة أن العديد من الجهات تهتم جدا بهذا الملف، لأبعاده الثقافية والتراثية والإستراتيجية والدينية، ولذلك قررنا أن نرصدها لاستثمار أسرع لهذا الكنز الذى تنعم به مصر، ليكون رافدا استراتيجيا مميزا من روافد الجمهورية الثانية
بداية الملف
في أواخر عام 2014 وضعت الحكومة خطة لإعداد وتجهيز الأماكن، التي مرت بها العائلة المقدسة أثناء لجوئها إلى أرض مصر ،باعتبار “مسار العائلة المقدسة” من أهم الأحداث السياحية المؤثرة ، التي تشهدها أجندة السياحة المصرية.
نمط سياحي جذاب
كما أنها ستكون نقطة البداية لنمط سياحي مهم يجذب إليه العديد من محبى السياحية الدينية والروحية ، وفرصة للسائح للتعرف على مناطق سياحية واعدة في مصر على طول هذا المسار ، والذي يمتد لحوالي 3500 كم.
25 موقع
يشمل المسار 25 موقعا للتوقف منها رفح- العريش “6 مواقع”، الفرما، تل بسطا “بالقرب من الزقازيق”، سمنود، سخا، وادي النطرون، علاوة على خمسة مواقع بالقاهرة وهى مسطرد، المطرية، حارة زويلة، كنيسة أبو سرجة بمصر القديمة، المعادي، ثم موقعين بالمنيا سمالوط ودير جبل الطير، وموقعين بأسيوط دير المحرق ودرنكة.
تم التنسيق بين وزارتي السياحة والآثار- في ذلك الوقت- لتطوير وإحياء المسار المقدس ووضع خطة زمنية للعمل، بالإضافة إلى تحديد كيفية وألية التمويل من قبل وزارة السياحة ، حيث أنها المنوطة بتمويل هذا المشروع بشكل أساسي .
ثلاثة مراحل
وتم التخطيط بحيث يبدأ العمل في المسار المقدس مع أوائل عام ٢٠١٥ على ثلاث مراحل، الأولى تشمل مسار العائلة المقدسة في مناطق محافظة القاهرة، وصولا إلى محافظة المنيا، والثانية تشمل الوجه البحري وسيناء، والثالثة تضم الوجه القبلي بأكمله بداية من محافظة المنيا.
بمناسبة الذكرى
والآن وبمناسبة تذكار زيارة العائلة المقدسة لمصر -الذى يوافق الأول من يونيه من كل عام – والذى احتفلت به الكنيسة الأرثوذكسية والحكومة المصرية، وبعد مرور 8 سنوات تقريبًا على بدء العمل في المسار المقدس، بات المشروع يشكل لغزًا كبيرًا لجميع المراقبين -داخل مصر وخارجها.
الخطوات بطيئة
فالواقع الفعلي يؤكد أن الخطوات المتخذة في هذا الاطار لا تزال بطيئة وأسيرة بيروقراطية قاتلة، رغم حديث وزيرة الهجرة سها الجندي خلال إحياء الذكرى الجليلة، لكن لم يتحقق الهدف من هذا المشروع الطموح حتى الآن.
تستطلع “بوابة الجمهورية الثانية” أراء شخصيات مهتمة بالملف من زوايا متنوعة، في محاولة للوقوف على تطورات هذا المشروع المهم وما آل إليه حتى الآن.
نحتاج تجديدات
“الدير العامر يحتاج إلى الكثير من التجديدات ، ومثال على ذلك ، رصف وتهيئة الطرق، ولكننا نعانى من بطء المحليات، فنحن نعانى منذ أكثر من ٣سنوات من طرق غير ممهدة أمام السياح، وعندما يأتي المسؤولون للتعرف على احتياجاتنا وما نريده، لا نجد أية استجابة” هذا ما أكده أحد المسؤولين-الذى رفض ذكر أسمه- بأحد النقاط بالغة الأهمية في رحلة العائلة المقدسة لمصر.
وأضاف :”لدينا أمثلة كثيرة على هذا الروتين المعطل وأغلبها لوجستية، مثل طلبات دخول الغاز الطبيعي، وتطوير شبكة الصرف الصحي وطلب توسيع المدافن.
لم يهتموا بالفندق
حتى أننا تقدمنا أخيرًا بمشروع لبناء فندق فخم، لكنه لم يلق -أيضًا- أي اهتمام على الرغم من أننا لن نكلف أية جهة أية أعباء مادية، ولكن دون جدوى!
المحليات تعطل الخطط
وأشار الى أن المحليات تعانى من البيروقراطية وتعطل خطط الدولة، في الاهتمام بالتطوير والترميم لجميع محطات مسار العائلة المقدسة، أما عن هيئة الاثار فهي لا تقل روتينية عن المحليات، فكل حركة إنشائية يتم بعدها تحرير محاضر، وهو ما حدث أخيرًا مع أحد الرهبان المسؤولين عن مكان عمل “القربان”- خبز يتم الصلاة عليه- فقد أراد ان يجمل شكل المبنى الخاص به بحجر هشمه – مع ملاحظة أن المبنى بعيد عن الأجزاء الأثرية بالمكان- لكن مع الأسف تم تحرير محضر ضده.
الصفائح الشمسية
وأضاف المسؤول عن أحد نقاط المسار:”حاولنا أيضًا عمل لوحات طاقة شمسية لتوفير الكهرباء، خاصة أننا ندفع ما لا يقل عن 200 ألف جنيه كل شهر، وكانت ستوضع فوق “القلالي”- أماكن سكن الرهبان- وهى بعيدة تمامًا عن الأماكن الأثرية ، الا أن هيئة الآثار قامت بعمل محضر لنا.
رفضوا بناء السور
وحتي السور الذى أخذنا موافقة على بنائه ومحاكى للسور الأثري، قمنا نحن ببنائه على نفقتنا وعندما طلبنا ترميم سور أثرى-على نفقتنا خاصة أنه متهالك- رفضوا تمامًا وحرروا ضدنا محاضر كثيرة.
واقع الحال فإن المحليات تركز على مراقبتنا أكثر من مساعدتنا على التطوير والإعمار”.
ودعا المسؤول لإبعاد المسار المقدس عن المحليات وإسناده لمؤسسة القوات المسلحة لإنجازه، فهي الأجدر بتطوير المسار وترميمه من أية جهة أخرى متعسفة، مع الأخذ في الاعتبار أن الجهات الأمنية تقدم كل العون وتذلل جميع العقبات.
هناك إنجازات على الأرض
ووفق ما لدينا من معلومات، فإنه هناك بالفعل إنجازات رقمية في هذا الإطار، حيث يتم إنشاء طرق مخصوصة تربط المسار بالمطارات القريبة، حتى السياح من طائراتهم على معالم المسار القريبة منهم لتسهيل الأمر على السياح، والترويج بشكل أكبر لهذا المسار المقدس المهم جدا عالميا.
التنسيق مع المسارات العالمية
أما د. عيسى إسكندر” رئيس المسار المقدس المصري- الإيطالي”، فقال: هناك مسارات إيطالية مشهورة مثل “مسار ساننيقولاوس”،”سان لوكا” و”سان فرنسيس”، وغيرها من المسارات التي تمنحها إيطاليا أهمية كبيرة جدًا، ومن هنا فكرنا فى عمل توأمة مع مسارات بدول مختلفة، خاصة أن إيطاليا لديها خبرة كبيرة ومؤهلين من جانب الحكومة المحلية الإيطالية ومن المجلس الأوروبي للمسارات، وتم بالفعل عمل توأمة بين مسار سان نيقولاس و المسار المقدس بمصر -بعد اعتماده- .
ومن وقتها ونحن نعمل على أن نكون على تواصل مباشر مع “أوبرا رومانا” -الهيئة العليا للسياحة في الفاتيكان- المختصة بتنظيم رحلات الأديرة بإيطاليا إلى المسارات في دول العالم المختلفة، وبعد تدشين المسار المصري- الإيطالي وعرضه على البابا تواضروس الثاني، بطريرك الكنيسة القبطية -خلال زيارتنا للقاهرة قبل عام- طلبنا من “أوبرا رومانا” أن تنظم رحلات إلى مصر بالتنسيق مع جهة مصرية (تور أوبريتور)-تعنى بتنظيم الرحلات السياحية إلى مصر- ونحن لازلنا في انتظار عرض الجانب المصري للبدء في إرسال السياح الإيطاليين لمصر.
سبع محطات جاهزة
وأوضح إسكندر أن الحكومة مهتمة فعلًا اهتماما بالغًا بهذا المشروع نظرًا لقيمته الأدبية والتراثية بل الاقتصادية، فهناك سبع محطات جاهزة -من إجمالي 25 محطة- وهى تكفى لبدء المسار، ومن خلال الدخل الذى يعود من هذه المحطات يمكن الاستفادة به لترميم محطات أخرى وهكذا، لكن البيروقراطية وعدم وضوح الرؤية يعطل هذا الحلم الكبير!.
الفاتيكان والرحلة الكاملة
وأكد أن الفاتيكان مهتم جدًا بالمسار المقدس، ولعل في زيارة البابا فرانسيس لمدينة سانت كاترين ومباركته للمسار المقدس ما يؤكد هذا الاهتمام، ليكون مسارًا يأخذ دوره الحقيقي بالنسبة للسياحة الدينية حول العالم، مشيرًا إلى الاتفاق مع الأردن لإعداد رحلات لزيارة “نهر الأردن”-حيث تم تعميد المسيح- والتنسيق لزيارة بيت لحم ثم مسار الهروب لتنتهي الجولة بزيارة مسار العائلة المقدسة بمصر، وبذلك تكون رحلة متكاملة بالتنسيق بين مصر والأردن والسلطة الفلسطينية في عشرة أيام.
ووفق ما لدينا من معلومات، فإن ملف مسار العائلة المقدسة كان جزء من نقاشات البابا تواضروس مع البابا فرانسيس خلال زيارته الأخيرة للفاتيكان، ولذلك من المتوقع أن تكون إنجازات أكبر في هذا الإطار، مع الاهتمام الملحوظ المصري والدولي بهذا المشروع التراثي المقدس العالمي.
رصف الطريق لدير المحرق
وقال الأنبا بيجول المحرقى، رئيس دير المحرق-أحد أهم النقاط في رحلة العائلة المقدسة لمصر- إن الدير يحتاج الآن وبصورة عاجلة لرصف الطريق المؤدى للدير وتكثيف الدعاية الخاصة بهذا المكان التاريخي الذى يعد الأقدم في الزيارة المقدسة، مؤكدًا أنه ليس لديه شك في أن الأمور ستسير بصورة جيدة في المستقبل القريب.
لافتات برايل
مع إضافة لوحات بطريقة “برايل” لفاقدي البصر يتم وضعها مع اللوحات الاسترشادية بمساعدة القطاع الخاص والمستثمرين.
خريطة المسار
مسار العائلة المقدسة بمصر بدأ من رفح بالشمال الشرقي، مرورًا بالفرما شرق بورسعيد، وإقليم الدلتا عند سخا بكفر الشيخ، تل بسطا بالشرقية، سمنود بالغربية، ثم انتقلت إلى وادي النطرون في الصحراء الغربية، حيث أديرة “الأنبا بيشوي”، السيدة العذراء “السريان”، “البراموس”، القديس “أبو مقار”، ثم اتجهت بعد ذلك إلى منطقة مسطرد والمطرية حيث توجد شجرة السيدة مريم، ثم “كنيسة زويلة” بالقاهرة الفاطمية، فمناطق مصر القديمة عند “كنيسة أبو سرجة” في وسط مجمع الأديان ومنها إلى “كنيسة المعادي “وهي نقطة عبور العائلة المقدسة لنهر النيل وصولًا إلى المنيا حيث جبل الطير، ثم أسيوط حيث يوجد “دير المحرق”، وبه أول كنيسة دشنها المسيح بيده، حيث انتقلت إلى “مغارة درنكة”، ثم العودة مجددًا إلى بيت لحم.
تراث عالمي
ويُعد المسار من أهم المشروعات التراثية والحضارية، حيث أنه من ضمن التراث الديني العالمي الذى تتفرد به مصر لارتباطها بهذه الرحلة المباركة لأرضها على مدار أكثر من ثلاثة أعوام ونصف، ولذلك تعطيها مصر–من خلال وزارة السياحة والآثار-إهتمامًا كبيرًا، لتأهيل جميع نقاط رحلة العائلة المقدسة وتكوين بنية تحتية جيدة؛ وهو ما يعزز مكانة مصر عالميًا كأرض تحتضن مختلف الأديان والثقافات والحضارات .
ونحن في بوابة الجمهورية الثانية نتابع كل جديد في هذا الملف لأهميته العنقودية على العديد من المستويات، ليكون داعما ذا رونق خاص في الجمهورية الثانية.