محمد فؤاد البري يكتب: ألوان الاقتصاد العالمي
في تجمع عائلي بسيط جاء في نشرة الأخبار مصطلح ” الاقتصاد البرتقالي ” فدارت أطراف الحديث عن ماهية المصطلح، قال أحدهما بثقة يبدو أنهم يقصدون زراعة البرتقال، وقاطعه آخر قائلاً إنه الاقتصاد القائم على صناعة وتصدير البرتقال عصيرا بدلا من تصديره خاماً!!
وعندما تأملت حديثهم ظننت أنهم يتحدثون بأسلوب منطقي خاصة أنه جاء بعد خبر تفوقت فيه مصر في مجال تصدير محصول البرتقال لدول الاتحاد الأوربي فاختلطت الأمور عليهم.. ولكن بعد دقائق انكشف الأمر حينما ظهر على التلفاز مصطلح جديد وهو ” الاقتصاد الأخضر ” وضع كل من أفتى في مأزق شديد.
لكن ما قصة الألوان وهل هناك تصنيف جديد في علم الاقتصاد؟؟
فالكثيرين من مثقفين مصر وشباب مصر الجامعي لا يعرفون المصطلحات الجديدة التي ظهرت في علم الاقتصاد مثل الحوكمة والرقمنة وصناعة التعهيد والأمن السيبراني الخ ومن أبرز تلك المصطلحات التي ظهرت مؤخرا وأصبحت تتردد على أذهان المصريين دون معرفة ماهية تلك المصطلحات والفرق بينهما هي تصنيف قطاعات الاقتصاد إلى ألوان متباينة وصلت مؤخرا إلى عشرة ألوان.
والحقيقة أن الاقتصاد بحد ذاته ليس لديه ألوان بالطريقة التي نفكر بها في الألوان المادية
ولكن، يتم استخدام الألوان مجازياً لوصف حالات أو جوانب معينة من الاقتصاد.
أصبح العالم يتغير ويتلون بما يحقق له أهدافه الخاصة بالتنمية المستدامة الأمر الذي ينعكس مباشرة على الاقتصاد العالمي وأصبح للاقتصاد عشرة ألوان، تتعدد معها القضايا والمهام، خاصة مع وصول سكان الكوكب ل 9 مليار نسمة بحلول عام 2050 قد يواجه العالم مشكلات عديدة ناتجة عن الضغط البشري علي كوكب الأرض، أبرز تلك المخاطر: التصحر والجفاف وارتفاع منسوب المحيطات وذوبان الجليد، وقطع الغابات وتجريف التربة وتآكل الشواطئ، وانخفاض كمية الاحتياطي من النفط والمياه الجوفية الخ.
كل هذا جعل علماء الاقتصاد يفكرون في أنماط من الاقتصاد لا تختصر علي تنمية الحاضر فقط بل تراقب مخاطر وتحديات المستقبل وتراعي التوازن البيئي ورفاهية الانسان وتعمل قدر المستطاع على ضرورة الحد من مخاطر التغيرات المناخية، والحفاظ علي الطبيعة، ولذا تم تصنيف الاقتصاد إلى مجموعة من الألوان بعضها إيجابي ويجب التوسع في استخدامه مثل الأخضر والأزرق والأبيض في مقابل التقليل من ألوان أخرى مثل الأسود والرمادي والبني..
ورغم حداثة تلك المصطلحات على أذهاننا الا انه تم استخدام مصطلح “الاقتصاد الأخضر” لأول مره بمؤتمر الأمم المتحدة المعني بالبيئة والتنمية “قمة الأرض” بريو دي جانيرو عام 1992، وقد وصف الاقتصاد بأنه أخضر حيث أنه اقتصاد يراعي البيئة ويحد من استنزاف مواردها وهو مناقض للاقتصاد البني والأسود الذي يقوم على استخدام الوقود الأحفوري ولا يراعي المخاطر والآثار البيئة المحتملة.
ويمكن ان ننظر للاقتصاد الأخضر في أبسط صورة كاقتصاد يقل فيه انبعاث الكربون وتزداد كفاءة استخدام الموا رد. وهناك الاقتصاد الأصفر والذي جاء من لون الشمس وهو القائم على التوسع في استخدام الطاقة الشمسية النظيفة كمصدر طبيعي بديل للطاقة.
ومن ألوان الاقتصاد الأخرى:
الاقتصاد الرمادي: Gray Economy
يعتبر الاقتصاد الرمادي هو” الاقتصاد غير الرسمي”، الذي يُعرف بأنه جميع الأنشطة الاقتصادية التي يمارسها الأفراد أو المؤسسات والتي لا تُدرج في الإحصائيات الرسمية، أي لا تعرف الأجهزة الحكومية قيمتها الفعلية، ولا تدخل في حسابات الناتج القومي، ولا يتم تحصيل ضرائب عنها، ولا يخضع العاملون فيها لأي نظام ضمان اجتماعي.
الاقتصاد الأحمر: Red Economy
وهو” الاقتصاد الذي تسيطر فيه الحكومة على معظم وسائل الإنتاج والتوزيع”، وهذا اللون من الاقتصاد ذا صبغة شيوعية، ويحمل اللون الأحمر دلالات تاريخية في روسيا والصين وهو جزء من الرمزية الشيوعية، ولكن تضاءل هذا النوع من الاقتصاد بعض الشيء بعض سقوط الاتحاد السوفييتي.
الاقتصاد الأزرق Blue Economy
يشير مصطلح الاقتصاد الأزرق إلى الاقتصاد القائم على البحار والمحيطات. يركز هذا المصطلح على استدامة وتطوير القطاعات البحرية؛ مثل الصيد والنقل البحري والسياحة البحرية واستخراج الموارد البحرية، ويهدف إلى تعزيز الاستدامة البيئية للبحار والمحيطات، وتحسين إدارة الموارد البحرية، وتعزيز التعاون الدولي في قضايا البحار.
وعلى المستوى العالمي، من المتوقع أن ينمو الاقتصاد الأزرق بمعدل أسرع مرتين من الاقتصادات الأخرى بحلول عام 2030.
الاقتصاد الأبيض White Economy:
يشير إلى القطاع الرسمي والشفاف في الاقتصاد. يتم تنظيم الأنشطة الاقتصادية في هذا القطاع وفقًا للقوانين والتشريعات الرسمية، وتتميز بالشفافية والمسؤولية المالية. وعلي النقيض من ذلك الاقتصاد الأسود:
والذي يقصد به أية نشاط اقتصادي يخالف القانون مثل: الاتجار بالبشر، وسرقة المعلومات الشخصية والمالية (للوصول إلى الحسابات المصرفية وبطاقات الائتمان)، والمخدرات، والأسلحة، والأموال المزورة، والبرمجيات المقرصنة والمنسوخة بشكل غير مشروع.
الاقتصاد البني Brown Economy:
هو اقتصاد يعتمد فيه جزء كبير من النمو الاقتصادي على الأنشطة الضارة بالبيئة، وخاصة الفحم والنفط والغاز الطبيعي، فضلا عن الغازات الدفيئة مثل ثاني أكسيد الكربون والميثان وأول أكسيد الكربون وغازات الكلوروفلوروكربون، التي أصبحت انبعاثاتها هائلة المستويات.
ومن ألوان الاقتصادات الأخرى الاقتصاد البنفسجي:
ويُعرف الاقتصاد البرتقالي أيضًا باسم «الاقتصاد الإبداعي»، ويركز على التقاطع الديناميكي بين الفنون والثقافة وريادة الأعمال، فهو بمثابة سياق عام يتيح للحرفيين والمصممين والموسيقيين والمبدعين الفرصة ليس للتعبير عن أنفسهم فحسب، بل أيضًا للمساهمة في تحقيق التقدم الاقتصادي. Purple Economy
ويعتبر الاقتصاد البرتقالي جزءًا مهمًا من النمو الاقتصادي، ويسهم في توفير فرص العمل وتنمية الهوية الثقافية، ومن أبرز سمات هذا النوع من الاقتصاد، هو أن منتجاته وخدماته تعتمد بشكل أساسي على المواهب والإبداع كمدخل رئيسي.
وآخرا الاقتصاد الفضي: وهو” الاقتصاد الذي يهتم بفئة عمرية معينة (كبار السن 50 سنة أو أكبر)، ويشمل جميع الأنشطة الاقتصادية ذات الصلة باحتياجات كبار السن.