نواجه اليوم قضية هامة تتعلق بالشخصية المصرية، ومحاولات طمس الهوية الوطنية التي تشكلت عبر التاريخ. الهوية المصرية ليست وليدة اللحظة، بل نتاج عصور وحضارات وثقافات مرت على مصر، من المساهمات الحضارية المباشرة إلى تأثير الغزو والاحتلال.
إذا أردنا تعريف الهوية الوطنية، فهي مجموعة من القيم والمبادئ والعادات التي تعكس ثقافة ووعي المجتمع المصري، وهي متميزة بجذورها العميقة في الحضارة المصرية القديمة منذ الأزل، ترك المصريون القدماء بصمتهم الفريدة، وتفاعلت مصر مع الثقافات المختلفة، القبطية والإسلامية، مرورًا بفترات الاستعمار، حتى أصبحت الشخصية المصرية مرنة وقادرة على الانصهار مع الثقافات المختلفة، مع الاحتفاظ بجوهرها المميز.
ومن أكثر العوامل التي ساهمت في تشكيل الهوية المصرية نهر النيل، الذي وحد المصريين حول قيم اجتماعية راسخة مثل التعاون، التسامح، والترابط الأسري.
رغم كل هذا الإرث العظيم، تواجه الهوية المصرية تحديات عديدة، أهمها:
الانقسام الثقافي الداخلي
هناك من يرى مصر فرعونية فقط، وآخرون يرونها دينية (قبطية أو إسلامية فقط).. لكن الحقيقة أن مصر تمثل مزيجًا فريدًا من كل هذه الثقافات، مع انتماء جغرافي يجعلها عربية بلغتها ودينها، وإفريقية بنيلها، ومتوسطية بموقعها.
التحديات الخارجية والعولمة
العولمة والتكنولوجيا تهدد القيم المصرية الأصيلة، حيث تُعرض الأجيال الجديدة لثقافات غريبة تُغلف بمسميات جذابة، مثل الإباحية والمثلية وتبديل الهوية الثقافية.
إضافة إلى ذلك، تراجعت مكانة اللغة العربية، وأصبح الكثيرون يتفاخرون باستخدام اللغات الأجنبية.
حلول غير تقليدية للحفاظ على الهوية
للحفاظ على الهوية المصرية في وجه هذه التحديات، يجب التفكير بحلول مبتكرة لمواجهة هذا الخطر باستخدام الإمكانات الحديثة ومنها:
1.تطبيقات الواقع المعزز
تطوير تطبيقات تتيح للأجيال الجديدة استكشاف التاريخ المصري بطريقة تفاعلية تربطهم بماضيهم المجيد.
2. محتوى رقمي ملهم:
إنتاج مقاطع فيديو قصيرة ومسلسلات وثائقية تروي قصص شخصيات مصرية غير معروفة لكنها مؤثرة، تستهدف منصات التواصل الاجتماعي لجذب الشباب.
3. تبني المواقع الأثرية
إطلاق مبادرات لرعاية المواقع الأثرية غير المعروفة، من خلال فرق شبابية تهتم بتنظيفها وتنظيم جولات تثقيفية لتعزيز الانتماء.
4. جولات ثقافية على الدراجات
تنظيم جولات بالدراجات في أحياء القاهرة القديمة والمدن التاريخية، مع محطات للتعريف بالمعالم الأثرية وقصصها بأسلوب مشوق.
في النهاية تبقي الهوية الوطنية المصرية إرث غني يتجدد بتفاعلنا وحمايتنا له في مواجهة التحديات، يظل دورنا هو تعزيز الفخر والانتماء بأساليب مبتكرة تضمن بقاء روح مصر نابضة في الأجيال القادمة.