fbpx
مقالات

محمد صلاح يكتب: الشائعات.. هل حان وقت المواجهة؟

في عالمٍ تتدفق فيه المعلومات بسرعة، أصبحت الشائعات أداة فعّالة لتفكيك المجتمعات وتخريب الدول. بدأت فكرة الشائعة والخبر المزيف في الوسط البشري منذ أول التاريخ، ولكنها تطورت وبلغت قمة تطورها أثناء الحربين العالميتين الأولى والثانية، حتى أصبحت علماً كبيراً يُدرس في كبري الكليات العسكرية والأمنية حول العالم.

عادةً ما يكون الهدف من الشائعات هو خلق حالة نفسية مدمرة تدفع إلى ضرب الثقة بين المجتمع وبعضه البعض، مما يؤدي إلى تخريب الأمة من خلال هذه الوسيلة، لتجعل المجتمعات تقوم بتخريب نفسها بنفسها.
في هذا السياق، لا يمكننا أن نغفل أن الشائعات تتبلور في شكل جديد يمارسه أعداء الوطن لضرب النسيج المجتمعي، عبر حروب الجيل الرابع والخامس التي تستخدم علم الشائعة والأخبار المزيفة وبثها عبر مواقع التواصل الاجتماعي للوصول إلى أكبر شريحة من المجتمع، مما يخلق حالة رأي عام مختلفة تجعل الفرد يفقد الثقة فيما حوله.

يمكن تلخيص المخاطر الناتجة عن الشائعات في ثلاثة نقاط:
 1. إحداث خلافات بين أفراد العائلة الواحدة حول المواقف والمعتقدات السياسية والاجتماعية، مما يؤدي إلى ضعف تماسك الأسرة، وعندما نضعف تماسك مجموعة من الأمم الصغيرة (الأسرة)، نضعف الأمة الكبيرة (المجتمع).

2. ضرب الحالة النفسية لأفراد المجتمع من خلال بث الخوف والرعب بين كل الأجيال، مستهدفًا الشباب بأخبار مزيفة تتعلق بمخاطر محدقة، والكبار عبر نشر أخبار تتعلق بكوارث ومخاطر كبرى.

3.  التأثير على مفاهيم القيم الاجتماعية والدينية، لخلق هويات مختلفة عن الهوية الوطنية الجامعة لأفراد المجتمع.

كل هذه المخاطر تدفعنا إلى التفكير بعمق حول كيفية مواجهة هذا الخطر الداهم وكيفية خلق جهاز فكري مناعي ضد هذا التهديد، حيث أن هذا الخطر لن ينتهي عن المجتمعات إلا عند قيام الساعة. لذلك، لابد من وضع استراتيجية متكاملة ترتكز على منهجية وطنية لمواجهة هذا الأمر.

بعض الحلول المقترحة


1. إضافة مادة دراسية في المدارس عن التربية الإعلامية، تركز على تعليم الطلاب كيفية التحقق من المعلومات والتمييز بين الخبر المزيف والحقيقي، مثلما فعلت فنلندا عام 2014 بإدراج مادة محو الأمية الإعلامية في المدارس، حيث يتعلم الطلاب كيفية التحقق من الأخبار وفحص المصادر بشكل منتظم.

 2. جعل يوم وطني لمحاربة الشائعات، يستهدف توعية المجتمع بخطر الشائعات وأهمية مواجهتها والتحقق من مصادر الأخبار، حتى تصبح عادة مجتمعية.

كل هذا يتطلب جهودًا مشتركة ووقتًا ليحدث طفرة في تحصين المجتمع ضد الشائعات. فالشائعة أخطر من القنبلة، فهي تدمر معنويات شعب كامل، وتقتل الأمل في النفوس، وتزيد من قلق الجماهير وخوفهم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى