إعداد: شيماء خليل
نشرت الصحف الأجنبية أمس صورة للرئيس السابق للولايات المتحدة والمرشح الرئاسي الحالي دونالد ترامب أثناء وجوده داخل أحد المطاعم الأمريكية ودفع فاتورته بالعملة المشفرة البيتكوين ..ليصبح أول رئيس سابق في الولايات المتحدة يستخدم البيتكوين .. وهي العملة المشفرة الأشهر على الإطلاق.
وهو ما أثار تساؤلات عديدة حول العملات الرقمية بشكل عام وهل ستصبح وسيلة رسمية للتعاملات التجارية ؟؟
يُطلق اسم العملات الرقمية على مجموعة من العملات الافتراضية التي يتم تداولها على شبكة الإنترنت فقط، وعلى الرغم من كونها غير ملموسة إلّا إنّها تتمتع بقابلية كبيرة من المستخدمين والمتداولين في جميع دول العالم، إذ بدأ العديد من التجار والمؤسسات باستخدامها بدلاً من الأموال التقليدية، وأصبح بالإمكان تسديد فواتير الشراء والخدمات بها، كما أصبح العديد من الأشخاص يستخدمونها لاستغلال قيمتها على المدى الطويل.
ليتم تداول هذه العملات الرقمية لابد من القيام بمجموعة من عمليات التشفير المُعقّدة التي يتم استخدامها؛ وذلك لحماية المتداولين من التعرّض لأيّ عملية نصب أو تزوير، أمّا عملية تعدين العملات فهي عبارة عن مجموعة خوارزميات مُعقّدة، تحتاج إلى أجهزة مُتخصّصة.
ويهدف ذلك للحفاظ على القيمة السعرية لها، كما ينبغي التنويه إلى أنه لا يتم إنتاج كميات كبيرة منها لحمايتها من التضخم؛ إذ إنه وفي حالة زيادة عدد العملات الرقمية المعروضة فإن ذلك يسهم في انخفاض أسعار العملات الرقمية؛ لذا فإنه يتم تحجيم القدر المعروض منها في كلّ عام.
تداول العملات الرقمية
يحتاج تداول العملات الرقمية أيًّا كان نوعها في البداية فتح محفظة إلكترونية خاصة بذلك، وهي عبارة عن تطبيق إلكتروني يتم تحميله على الهواتف الذكية، ويتم وضع العملات الرقمية التي يشتريها المتداول في هذه المحفظة، وهي تهدف بشكل أساسي إلى تسهيل استخدام هذه العملات في أي وقت، وذلك من خلال إرسالها واستقبالها وتبادلها بشكل سلس، بالإضافة إلى ذلك فإن على المتداول إنشاء حساب خاص به على إحدى منصات تداول العملات الرقمية للبدء في ذلك، ومتابعة سوق العملات الرقمية.
قد يشعر المتداول المبتدئ في البداية بالحيرة عند رغبته باختيار أفضل هذه المنصات؛ إلّا أن هناك العديد من المواقع، التي تعرض هذه الخدمات وطرق التعامل معها، بالإضافة إلى العديد من المقالات التعليمية التي يمكن الاستفادة منها لتحقيق أفضل قدر ممكن من الفائدة عند الدخول إلى سوق التداول.
أهم العملات الرقمية
يوجد العديد من العملات الرقمية المتداولة في الاسواق العالمية منها:
الإيثيريوم Ethereum
تعتبر هذه العملة واحدة من أكثر العملات تداولا، ويعود ذلك لكون الإيثيريوم ليست مجرد عملة رقمية، وإنما تعد ثاني أكبر منصات التداول انتشارًا حول العالم.
بيتكوين Bitcoin
تعد عملة البيتكوين والتي يرمز لها بالرمز BTC هي العملة الأولى عالميًّا بين العملات الرقمية، ليس فقط من حيث مكانتها وقيمتها السعرية، بل في تاريخها أيضًا؛ فهي أول العملات ظهورًا.
بينانس Binance
تعد هذه العملة واحدة من العملات الرقمية التي حافظت على الارتفاع في قيمتها السعرية ببطء وثبات.
عملة Tezos
يُرمز لهذه العملة بالرمز XTZ، وهي واحدة من العملات الحديثة؛ حيث إنها ظهرت لأول مرة عام 2018، وحققت انتشارًا كبيرًا بسبب بدايتها القويّة، إذ سمحت للمستثمرين في البداية بتخزين العملة مع الحصول على أرباح سنوية تتراوح قيمتها ما بين 5 و6%.
وكل هذه العملات غير رسمية وغير خاضة لإدارة الدول أو البنوك المركزية حول العالم.
العملات الرقمية الرسمية والمشفرة
العملات الرقمية الرسمية هي نسخ رقمية من النقود تصدرها البنوك المركزية وتنظم العمل بها، وشهد العالم إطلاق أول عملة رقمية رسمية قبل ما يقرب من ثلاثة عقود في عام 1993، والتي أطلقها بنك فنلندا المركزي تحت اسم بطاقات «أفانت» الذكية.
وعلى عكس العملات المشفرة، تتسم العملات الرقمية بدرجة أعلى من الاستقرار والأمان.
وحتى يوليو 2022، كان هناك ما يقرب من 100 عملة رقمية رسمية قيد التطوير من البنوك المركزية، من بينها اثنتان صدرتا بشكل كامل وهما “إي نايرا” التي أُصدرتها نيجيريا في أكتوبر2021، و”الدولار الرملي” الذي ظهر لأول مرة في جزر البهاما في أكتوبر 2020.
وتحتل أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي مركز الصدارة في مجال العملات الرقمية، وأطلق البنك المركزي البرازيلي عملته الرقمية المقبلة “دريكس” خلال هذا العام.
في غضون ذلك، يعمل صندوق النقد الدولي على إنشاء منصة للعملات الرقمية الرسمية بهدف تيسير المعاملات النقدية بين الدول.
وفي يونيو 2023، قدمت المفوضية الأوروبية مشروع قانون لليورو الرقمي، الذي سيمنح الأفراد والشركات على مستوى منطقة اليورو خياراً إضافياً للدفع الرقمي على نطاق أوسع وأقل تكلفة وأكثر مرونة وأماناً، ومن المحتمل إطلاق اليورو الرقمي في عام 2028.
مميزات وعيوب العملات الرقمية
يمكن للعملات الرقمية الصادرة عن البنوك المركزية -إذا صُممت بشكل جيد- أن تسهم في خفض تكلفة التحويلات الدولية وتيسير الوصول للخدمات المالية بشكل عام.
كما يمكنها تعزيز فاعلية أنظمة الدفع المحلية، ودعم المنافسة، وتحسين فرص الحصول على القروض، وزيادة كفاءة المدفوعات، وخفض تكلفة المعاملات.
لكن يجب التحذير من أن تصميم وإدارة هذا النوع من العملات بشكل خاطئ قد يضر بالاستقرار المالي وخصوصية البيانات والنزاهة المالية، كما قد تنتج عنه تحديات قانونية ومخاطر إلكترونية وتشغيلية للبنوك المركزية، بحسب تصريحات سابقة لمديرة صندوق النقد الدولي.
ويمكن أن تؤدي سهولة الوصول إلى العملات الرقمية الرسمية الأجنبية إلى مخاطر استبدال العملة وتقلبات التدفقات النقدية.
وتواجه البنوك المركزية بالفعل العديد من التحديات التي تختبر استقلاليتها ومصداقيتها وشرعيتها، وكلما اتسع نطاق استخدام الأموال التي تصدرها، زادت الضغوط السياسية التي ستتعرض لها.
هل تحل العملات الرقمية محل العملات التقليدية؟
تلتزم البنوك المركزية حول العالم بالحفاظ على سلامة وتوافر النقد، وتستخدم العملات الرقمية كوسيلة لتوسيع خيارات الدفع الآمنة، وليس لتقليلها أو استبدالها.
مصر وسوق العملات الرقمية
المفاجأة هنا أن مصر ليست بعيدة عن سوق العملات الرقمية؛ بل صرح مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء المصري، أن مصر تعمل بنشاط على تطوير مشروع العملة الرقمية للبنك المركزي، والمعروف أيضاً بالجنيه الإلكتروني، مع خطط لإطلاقه بحلول عام 2030، وسيتم الاصدار تحت اشراف البنك المركزي.
ولكن لا يتشابه الجنيه الالكتروني المصري مع البيتكوين أو غيره من العملات المشفرة الأخرى لإنه سيخضع لإشراف حكومي عكس آلاف العملات المشفرة التي لا يتم إدارتها أو ضبط قيمتها من الحكومات أو البنوك المركزية .
ووفقا لبيان البنك المركزي المصري الصادر عام 2020 الذي حذر من إصدار العملات المشفرة أو الاتجار بها أو الترويج لها أو إنشاء أو تشغيل منصات لتداولها أو تنفيذ الأنشطة المتعلقة بها.
وقال المركزي المصري في بيانه: “إنه يكرر تحذيره من التعامل في كافة أنواع العملات الافتراضية المشفرة، لما تكتنفه من مخاطر عالية، منها تذبذب قيمتها واستخدامها في الجرائم المالية والقرصنة الإلكترونية.
كما يعاقب من يخالف تعليمات البنك المركزي المصري، بالحبس وبغرامة لا تقلّ عن مليون جنيه ولا تتجاوز عشرة ملايين جنيه، أو بإحدى العقوبتين.
بالرغم من هذه التحذيرات، أظهرت البيانات الصادرة عن شركة تحليلات البلوك تشين “تشيناليسيس‘ (Chainalysis) أنَّ مصر تحتلُّ المرتبةَ السابعة من حيث القيمة المستلمة في العملات المشفَّرة بين دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، متخلِّفةً عن تركيا والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وإيران وإسرائيل.
وفي يناير 2023 اعلن البنك المركزي المصري أنَّه يستكشف استخدامَ العملة الرقمية كبديل قابل للتطبيق للعملات المشفرة، والتي قال إنَّها تمثِّل مخاطر على الاقتصاد الرقمي للبلاد، وشكل البنك المركزي لجانَ عملٍ داخلية وخارجية، تضمُّ أعضاءً من الوزارات والسلطات الوطنية ذات الصلة، للإشراف على البحوث المرتبطة بالعملة الرقمية للبنك المركزي
وأوضح الخبراء أن الجنيه الرقمي سيكون مرتبطا بالجنيه المصري ويحمل نفس قيمته وسيطبق عليه إجراءات السياسة النقدية، وسيكون بمثابة نقلة إلكترونية في مجال التداول في مصر، وسيكون له دور في تسهيل المعاملات وتطوير العملة بصورة آمنة، ويتمتع بعدة مزايا منها أنه يمكن استخدامه عبر الهواتف المتنقلة، وفي التحويلات التجارية، كما أنه يقلل من استهلاك الورق.
وهو ما يتطلب فتح حساب إلكتروني في أحد البنوك لإمكانية استخدامه، وهو ما تسعى إليه مصر بإنشاء أول بنك رقمي مع زيادة عدد المحافظ المالية الرقمية، لتصل إلى مستوى 80 مليون محفظة رقمية بحلول عام 2030، وتتماشى هذه المبادرة مع الهدف الأوسع المتمثل في تعزيز الشمول المالي الرقمي؛ وتقليل الاعتماد على المعاملات بالعملة الورقية؛ وتوسيع نطاق اعتماد الخدمات المالية الرقمية في جميع أنحاء البلاد.