لو تعثرت كلبة في أمريكا
كتب: مدحت سليمان
تعلق الأثر الشهير ( لو تعثرت بغلة في العراق لسئل عنها عمر ) بأذهان العرب، وألسنتهم، وصارت هذه الجملة الشهيرة هي أبلغ وصف للاستشهاد بعدل الحاكم، أو حتي ظلمه.
وفي المائة سنة الأخيرة احتفظ الغرب بصفات أحيانًا ظاهرية وأحيانًا أخرى حقيقية علي أرض الواقع، منها: الحفاظ علي الحريات، وحقوق الإنسان، وحتي حقوق الحيوان، وقد صارت الأخيرة سمة مميزة عند الغرب يتندر بها بعض العرب علي أحوالهم في ضياع الحقوق وافتقاد الحريات، والتي غالبا ما يشكو منها بعضهم في الدول العربية.
ومنذ أيام كانت هناك مفارقتان لفتتا انتباهي، وجعلتهما بالنسبة لي (همًا) لا أعلم هل هو مضحك أم مبكٍ ، وتعقدت الرؤية في المشهدبن المتضاربين تماما فعلي جانب، كانت عدسات كاميرات الفضائيات تنقل صورة المواطنين الأفغان الهاربين من جحيم طالبان، ونارها، عالقين في عجلات الطائرات الأمريكية، بعد قرار أمريكا سحب قواتها من أفغانستان، وتسليم السلطة لحركة طالبان.
المشهد معقد، والرؤية غائبة والفكر مشتت، فالمنظر مهول، ويعجز القلم عن وصف حالة الهلع، والخوف التي بدت في مطار كابول، سيقان تركض في كل مكان، عيون فزعة وكأنها أمام أهوال يوم القيامة، ولو اجتمع كل عباقرة سينما هوليود علي صناعة مشهد يجسد حالة الهلع في مطار كابول كما ظهرت في الحقيقة وقت إقلاع الطائرات الأمريكية لعجزوا عن إيصال الصورة، والمشهد بهذا الوصف الدقيق.
لم يفكر رئيس الولايات المتحدة، ولا المسئوولون، ولا منظمة “هيومان رايتس” ولا منظمات حقوق الإنسان، أو المجتمع المدني ، في مئات وربما آلاف من الأفغان العالقين في عجلات الطائرات الأمريكية، ولم يفكر القائد الطيار في أساليب السلامة، ووسائلها المطلوبة حتي تقلع الطائرة وقد تعلق بين أرجلها مئات الأرواح.
لم تفزع “هيومان رايتس” حينما وجدت أشلاء للعديد من العالقين الذين راودهم الحلم في الوصول إلي أرض العدالة، والأمان، والهروب من جحيم تجار الدين.
علي الجانب الآخر كان الرؤية المضحكة، ضحك هستيري، إلي حد تساقط دموعي من الضحك؛ حيث جاء إعلان وزير الدفاع البريطاني عن إرسال طائرات لإعادة اكثر من ٢٠٠ كلب، وهر في أفغانستان؛ إيمانا منهم بحق الحيوان في حياة آمنة, وكريمة.
فهل حقا كانت تستحق الضحك، أم البكاء؟ وهل- حقا- تستحق أن نقول ( لو تعثرت كلبة في أمريكا، وبريطانيا لسئل عنها الرئيس الأمريكي والبريطاني، لكن ألم يكن أولي أن نسألهم عن أرواح الأفغان الذين تعلقوا بعجلات الطائرات الأمريكية؛ أملًا في حياة آمنة، وكريمة.
هل صارت حقوق الحيوان أولى وأهم من حياة الإنسان؟!