fbpx
مقالات

د. علاء جراد يكتب: التربية قبل التعليم.. كيف نجحت اليابان بنظام التوكاتسو

بداية وقبل استعراض أحد أساليب التربية الهامة والتي ثبت نجاحها، أود أن اعرض وجهة نظري فيما يتعلق بأي تغيير او مبادرات في نظام التعليم وهو أن يتم الرجوع لكل المعنيين (أصحاب المصلحة) وهم الطلاب، أولياء الأمور، المعلمين – وهم أهم حلقة في السلسلة- سوق العمل، والجهات الحكومية، والأهم من ذلك أن يتم تطوير والاتفاق على استراتيجية طويلة الأجل لنظام التعليم ومخرجاته تشمل كافة المراحل التعليمية من السنة الأولى وحتى الانتهاء من التعليم الأكاديمي والانتقال للحياة العملية، على أن يتم اعتماد تلك الاستراتيجية من مجلس النواب حتى تكتسب الثبات والاستمرارية.

ولقد بدأت مصر مبادرات كثيرة نحو تطبيق الكثير من التجارب والأنظمة المختلفة منها التجربة التي سيتناولها المقال، لكن لابد من الاستمرارية والمسائلة.

يستعرض المقال نظام تعليم تجريبي و تعاوني تفاعلي يعرف بالتوكاتسو أو  Tokkatsu المطبق في اليابان، وبحسب منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية يتضمن المنهج الدراسي الياباني مواد دراسية وغير دراسية كجزء من المنهج الرسمي، ويتضمن التعليم غير الدراسي مجموعة من الأنشطة المرتبطة تحت مصطلح “توكاتسو” وغالبًا ما يقوده الأطفال، وتشجع مثل هذه الأنشطة على سبيل المثال، تنمية المهارات الاجتماعية والتعاطف ومهارات المناقشة واكتساب المهارات الحياتية وربطها مع المواد الدراسية.

ويتم الترويج لمثل هذا التعليم من خلال التفاعل المكثف وجهاً لوجه والنظام مصمم لدعم التعليم الشامل للشخصية بدلاً من التركيز فقط على الإنجاز الأكاديمي.

ويهدف لتنمية الشخصية والمهارات الاجتماعية والذكاء العاطفي والمسؤولية، كما يركز على القيم والاتجاهات بنفس القدر من التركيز على المعارف والمهارات العلمية لتربية مواطن صالح متزن منتج يحترم نفسه والآخرين ويقوم بأدواره في المجتمع لما فيه صالحه الشخصي وصالح المجتمع ككل على حدٍ سواء، أي كما نقول دائماً “التربية قبل التعليم”.

فما هي المحاور الرئيسية لنظام توكاتسو؟

تشتمل المحاور على أنشطة الفصل الدراسي، مثل الروتين اليومي كتنظيم الفصول الدراسية والحفاظ على النظافة وهنا يتعلم الطلاب التعاون والمسؤولية واحترام المساحات المشتركة. 

ثم تأتي الأحداث المدرسية مثل المهرجانات الثقافية والأنشطة الرياضية وأنشطة الخدمة المجتمعية، وهي ضرورية لتعزيز العمل الجماعي والتعاون والشعور بالمجتمع.

تساعد هذه الأحداث الطلاب على فهم قيمة العمل نحو هدف مشترك. يلي ذلك النوادي والأنشطة الغير أكاديمية مثل المشاركة في النوادي المدرسية والتي تساعد على بناء مهارات القيادة والانضباط الذاتي والتعاون.

ثم يأتي التعليم الأخلاقي: حيث يتضمن وقتًا للتأمل، فيشارك الطلاب في مناقشات حول الأخلاق والقيم والسلوك السليم. ويعزز ذلك التعاطف والنزاهة والسلوك الأخلاقي. وأخيرا يأتي دور لجان الطلاب: حيث يكون لدى المدارس لجان يديرها الطلاب (بإرشاد المعلمين) للتعامل مع جوانب الحياة المدرسية مثل التخطيط للأحداث، وإدارة رعاية الطلاب، أو المساعدة في سياسات المدرسة.

من اهم فوائد هذا النظام ما يلي:

  1. تنمية المهارات الاجتماعية: من خلال العمل في مجموعات والمشاركة في الأنشطة على مستوى المدرسة، يتعلم الطلاب كيفية التواصل بشكل فعال وحل النزاعات والتعاون مع الآخرين.
  2. تعزيز المسؤولية والمساءلة: تساعد الأدوار التي يقوم بها الطلاب في إدارة الفصول الدراسية وفعاليات المدرسة على فهم الطلاب لواجباتهم وأهمية المساهمة في الرفاهية الجماعية.
  3. تشجيع الذكاء العاطفي: من خلال أنشطة التأمل والتعليم الأخلاقي، يصبح الطلاب أكثر وعياً بمشاعرهم، ويتعلمون التعاطف، ويطورون مجتمعا أكثر تفهماً وتسامحاً.
  4. تعزيز المشاركة المدنية: يغرس نظام توكاتسو الشعور بالمسؤولية ليس فقط داخل المدرسة، ولكن تجاه المجتمع ككل، مما يشجع الطلاب على أن يصبحوا مواطنين نشطين ومسؤولين، وأن يغلبوا الصالح العام على المصلحية الشخصية الضيقة.
  5. يعزز القيادة والمبادرة: من خلال قيادة الأنشطة الصفية، والمشاركة في اللجان، وتنظيم الأحداث، يطور الطلاب صفات القيادة والثقة في إدارة المسؤوليات.

بحسب موقع “تليجراف مصر” فهدف أنشطة التوكاتسو الرئيسي، هو تأهيل طفل قادر على تحمل المسؤولية والتعبير عن رأيه بثقة، حيث يساعد الطفل على إيجاد المشكلات والتحديات في حياته وحلها، بالتالي نجده في النهاية قادرًا على تحقيق ذاته وإدارة حياته الخاصة.

يُشار إلى أنه تم تخريج أول مجموعة معتمدة لمدربي أنشطة التوكاتسو المصريين في ديسمبر عام 2021 وكان عددهم 9 مدربين، وتم اعتمادهم من قبل الخبراء اليابانيين. السؤال المهم، أين التطبيق العملي؟ وهل يتم التطبيق في كافة مدارس الجمهورية؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى