العالم يضع كابول تحت المجهر..وخلافات داخل قيادات طالبان
كتبت_نهال مجدي:
شدد وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن على أن الولايات المتحدة ستحاسب حركة طالبان إذا تحولت أفغانستان إلى مصدر تهديد، وإن حركة طالبان التزمت بمنع الجماعات الإرهابية من استخدام أفغانستان كقاعدة لعمليات قد تهدد الولايات المتحدة أو الدول الحليفة لها، مؤكدا أن واشنطن ستحاسب الحركة إذا فعلت ذلك.
وتزامنت تحذيرات بلينكن مع رصد الاستخبارات الأميركية مؤشرات على تحركات لتنظيم القاعدة في أفغانستان، وعودة قادة كبار في التنظيم لكابول مؤخراً مشيرة إلى أن التنظيم قد يبدأ بتهديد أميركا خلال العام الجاري.
وقال نائب رئيس وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) دافيد كوهين، إن الولايات المتحدة وجدت بالفعل “بعض المؤشرات على تحرك محتمل لتنظيم القاعدة في أفغانستان”، وذلك خلال قمة للاستخبارات والأمن القومي أمس. كما تشير تقديرات خبراء مكافحة الإرهاب قبل الانسحاب الأميركي، إلى أن تنظيم القاعدة له عدة مئات من المقاتلين داخل أفغانستان.
وجدير بالذكر ان الإنسحاب الأمريكي الكامل من أفغانستان أفقد واشنطن حرية الحركة على الأرض وحتى في الأجواء، وبالتالي القدرة على التجسس على التنظيمات الإرهابية وصعوبة استهدافها في غياب المعلومات الاستخباراتية. ومع ذلك تواصل الولايات المتحدة مراقبة الأجواء الأفغانية بطائرات مسيّرة عالية التقنية لرصد أي تحركات لجماعات أو منظمات إرهابية، تسعى لملء الفراغ الأميركي.
وتتفق روسيا الى حد ما مع الموقف الأمريكي تجاه أفغانستان، فقد قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، إن روسيا لا تفرض أي شروط على حركة طالبان، لكنها “تراقب كيف ستنفذ وعودها”.
وأضاف “يتحدث الجميع عن ضرورة إجراء اتصالات مع طالبان بشأن القضايا الحالية، أولاً وقبل كل شيء، حول القضايا الأمنية، واحترام حقوق المواطنين، وضمان عمل البعثات الدبلوماسية. لكن لا أحد في عجلة من أمره بالاعتراف الرسمي”.
ومن جهتها أعربت واشنطن فى وقت سابق عن قلقها إزاء الإعلان عن حكومة طالبان وخصوصاً بشأن “انتماءات وسجلات” بعض الأشخاص المرشحين لشغل مناصب مهمة في الحكومة الجديدة الجديدة.
وكان وزيرا الخارجية القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، والفرنسي جان إيف للودريان قالا يوم الإثنين الماضي إنه “من المبكر مناقشة الاعتراف بحكومة طالبان”.
وما يزيد من صعوبة الموقف هو الخلافات التي دبت بين قيادات حركة طالبان بشكل أسرع من المتوقع، ويتركز الخلاف بين نائب رئيس الحكومة وأبرز دبلوماسي الحركة الملا عبد الغني برادر، ووزير شؤون اللاجئين في الحركة خليل الرحمن حقاني، العضو القيادي في شبكة حقاني المقاتلة.
ووصل الخلاف بين الشخصيتين القياديتين قبل أيام داخل القصر الرئاسي في العاصمة كابول، إلى الاشتباك بالأيدي بين أنصار الطرفين، حيث تدخلت شخصيات أخرى من الحركة وفضت النزاع. ومع ذلك غادر الملا برادر العاصمة كابل إلى مدينة قندهار، فيما لم تُحل الخلافات بشكل جذري، وهو ما أوقف الكثير من الأعمال الحكومية.
كما اختفي بارادار تماما الأوساط العامة والمؤتمرات الصحفية التي تعقدها قيادات الحركة، وهو ما أثار الكثير من الشائعات والتكهنات بشأن مصيره.
وأصل الخلاف بين برادار وحقاني هو لمن ينسب انتصار طالبان وانسحاب الولايات المتحدة؟ فالملا برادر وأنصاره يعتبرون أن جهوده الدبلوماسية والتفاوض مع الجانب الامريكي ادت لإنسحابهم تولي طالبان السلطة فى البلاد، وفى المقابل يري حقاني وفريقه ان آلاف الهجمات التي شنها مقاتلو شبكته طوال السنوات الماضية على قوات الحكومة الأفغانية، ومراكز قوات التحالف الدولي المساندة لها هي السبب الرئيسي فى هذا النصر.
هذا بخلاف إن الملا برادر ليس راضياً عن تشكيلة الحكومة الأفغانية الجديدة، فهو يراها لا تتضمن الكفاءات السياسية القادرة على حفظ مكتسبات الحركة، وأن زعماء المحاور العسكرية في الحركة، الموجودون بكثافة في هياكل الوزارة، لا يستطيعون تحقيق ما هو مرجو منهم.
وعلى صعيد أخر شكر وزير الخارجية في حكومة طالبان الموقتة أمير خان متقي الثلاثاء العالم على التعهدات التي تبلغ قيمتها مئات ملايين الدولارات من المساعدات الطارئة لأفغانستان، وصرح أن الحركة ستنفق أموال المانحين بحكمة وستستخدمها لتخفيف الفقر.
وكانت الأمم المتحدة قد تعهدت بمنح حزمة مساعدات طارئة بقيمة 1,2 مليار دولار من لأفغانستان، ولكن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش اقترح استخدام المساعدات الإنسانية لرفع مستوي الاحترام لحقوق الإنسان في المباحثات مع طالبان.
وفى المقابل دعا ناصر أحمد أنديشا الدبلوماسي الذي عينته الحكومة الأفغانية السابقة لدى الأمم المتحدة في جنيف، المنظمة الدولية إلى التحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها حركة طالبان.
كما دعت المفوضة العليا لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة ميشيل باشليه والاتحاد الأوروبي في الأيام الأخيرة أمام مجلس حقوق الإنسان إلى إنشاء آلية لرصد انتهاكات حقوق الإنسان في أفغانستان.