شحاتة زكريا يكتب: دور الإعلام في تشكيل الوعي السياسي.. بين الحقائق والمصالح
يمثل الإعلام أحد أبرز أدوات التأثير على الرأي العام وصياغة الوعي السياسي في المجتمع ، إذ يمتلك قدرة هائلة على توجيه توجهات الأفراد وإعادة تشكيل أفكارهم وفقا لما يتناوله من قضايا محلية ودولية. ومع تزايد الاعتماد على الإعلام التقليدي ووسائل التواصل الاجتماعي في الوصول إلى المعلومات ، أصبح الإعلام في طليعة القوى التي تلعب دورا حاسما في توجيه الناس ، سواء نحو الحقائق أو المصالح المختلفة.
التحديات أمام الإعلام الموضوعي
يواجه الإعلام اليوم تحديات عدة تعرقل دوره في نقل الحقائق بموضوعية ، أبرزها تأثير المصالح السياسية والاقتصادية على السياسات التحريرية للمؤسسات الإعلامية. ففي عالم يشهد تصاعدا للمنافسة بين القوى العالمية وتضارب المصالح الإقليمية يصبح الإعلام في كثير من الأحيان وسيلة لتحقيق أجندات معينة ، مما يؤدي إلى ضياع الحقيقة وسط صخب الرسائل المتناقضة.
على سبيل المثال ، تتخذ بعض الجهات الإعلامية مواقف منحازة بوضوح ، حيث تروج لرؤى تتماشى مع مصالح الأطراف التي تدعمها وبالتالي تنعكس هذه التحيزات في تغطيتها للأحداث العالمية. الأمر هنا يتجاوز مجرد نقل الأخبار ، ليصل إلى صياغة الخبر بطريقة تؤدي إلى استجابة عاطفية وتوجيه المشاهدين أو القراء نحو تبني وجهات نظر محددة.
الإعلام الجديد ووسائل التواصل الاجتماعي
مع صعود وسائل التواصل الاجتماعي أصبح التلاعب بالمعلومات أكثر تعقيدا وخطورة. فاليوم يمكن لأي شخص أن يصبح مصدرا للمعلومة أو يشارك في نشرها ، مما ساهم في ظهور بيئة معلوماتية فوضوية ، يصعب فيها على الجمهور تمييز الأخبار الصحيحة من الزائفة. يتطلب هذا الواقع من طالقارئ أو المشاهد قدرة تحليلية أكبر ووعيا عميقا بالأساليب المستخدمة لتوجيه الرأي العام.
ومع هذا التحدي برزت فرص جديدة لتوظيف الإعلام الرقمي في توعية الجمهور سياسيا، من خلال نشر محتوى تثقيفي موضوعي ، وتعزيز دور الصحافة الاستقصائية التي تتابع الحقائق وتنشرها بمصداقية. وهذا يمثل أيضا نقطة قوة يمكن أن تدعمها الحكومات والمجتمعات من أجل بناء وعي حقيقي بعيد عن التضليل.
الإعلام كأداة للتغيير الإيجابي
رغم التحديات فإن للإعلام دورا إيجابيا بالغ الأهمية في تعزيز الوعي السياسي ، إذا ما تم استخدامه بمسؤولية. يمكن للإعلام أن يكون شريكا في توجيه المجتمع نحو المشاركة الإيجابية في قضايا الشأن العام وتثقيف الجمهور حول حقوقهم وواجباتهم ، وتشجيعهم على اتخاذ قرارات مستنيرة عند المشاركة في الانتخابات أو دعم السياسات العامة.
إضافة إلى ذلك بإمكان الإعلام أن يلعب دورا محوريا في تمكين الدول من خلال تقوية الحوار بين الشعوب وتعزيز التفاهم بين الثقافات خاصة في قضايا حيوية مثل المناخ والتعاون الاقتصادي والصراعات الدولية.
ختاما ضرورة التحلي بالوعي
دور الإعلام اليوم أكثر تعقيدا من أي وقت مضى ويتطلب من صانعي القرار والجمهور فهم آليات تأثيره واتباع نهج واع في تلقي الأخبار. إن بناء مجتمع قوي يتمتع بوعي سياسي متكامل يستلزم دعم الإعلام النزيه وتثقيف الأفراد حول كيفية تحليل الأخبار بوعي ، بما يضمن الوصول إلى صورة متوازنة ، تعزز من قدرته على التفكير النقدي واتخاذ القرارات المستقلة.