fbpx
مقالات

الجمهورية الثانية توثق لثورة يونيو في ذكراها.. د. رفعت سيد أحمد يكتب: الإخوان تعاملوا مع مصر كغنيمة فأسقطهم المصريون

 د. رفعت سيد أحمد

د. رفعت سيد أحمد

تمر هذه الأيام وتأتي ذكري ثورة 30 يونيو 2013، و”الجمهورية الثانية” توثق لهذه الذكرى في حلقات خاصة .. حيث يتوقف الكثيرون حول التساؤلات الكبرى لهذه الثورة الشعبية المجيدة ضد حكم الاخوان وأجهزة المخابرات الغربية والإقليمية التي تحالفت معهم لإسقاط الدولة المصرية وتفكيكها بهدف إعادة تركيبها ثانية علي الهوي الإخواني الداعشي الإرهابي .

المشهد الذي ساد المنطقة وقتها وجعل من مصر في زمن الإخوان (المظلة والعمود الفقري لتلك المخططات الاجرامية).

ستظهر تساؤلات و ستجدد.. ولكن يظل السؤال المهم والتاريخي هنا هو: لماذا فشل الاخوان في حكم مصر رغم المؤامرات الداعمة لهم والإمكانات وأجهزة المخابرات المساندة لهم ورغم تلك(الأنهار من الأموال)التي كانت تجري من تحت أقدامهم؟


الأسباب الاجتماعية والسياسية لسقوطهم يحدثنا التاريخ ..أن الأسباب الاجتماعية والسياسية لسقوط الاخوان …تعددت إلا أن القاسم الرئيسي بينها كان هو ” فشل الإخوان وقوى الإسلام السياسي في إدارة الدولة والثورة ” ؛ الأمر الذى أدى إلى تحركات شعبية واسعة من كل ألوان الطيف الوطني والسياسي على مدار الثلاث سنوات التالية للثورة .

الغنيمة واحتكار الدين
وبالذات خلال العام الذى حكم فيه د. محمد مرسى (2012-2013) ، لقد أدار الإخوان الدولة خلال فترتي “المجلس العسكري” وحكم “محمد مرسى”، باعتبارها “غنيمة” وليست “وطناً” ؛ وأهدروا عشرات الفرص لكي يدمجوا أنفسهم وتنظيمهم في المجتمع، والحياة السياسية والوطنية الواسعة، وخطفوا وهم في طريقهم إلى السلطة؛ “الدين”، واعتبروا أنفسهم الممثلين الوحيدين والشرعيين له، ومن عداهم إما “كافر” أو مخالف، أو خارج عن الملة.

أشاعوا مناخ الكراهية
أشاعوا مناخاً من الكراهية والتعصب والاستقطاب، والغضب المكتوم ، ظلت تتراكم طبقاته إلى أن حانت لحظة الانفجار فأشتعل ، وأحرقهم ، ولم تنفع ذرائع ” الشرعية ” و” الديمقراطية ” التي ما أن وصلوا من خلالها للحكم، إلا وانقلبوا عليها تماماً ، وعن قصد ، ولم يقتصر خطر وخبل الإخوان وتيارات الإسلام السياسي الملتحقة بهم، على الأمن القومي المصري ، إذ تعداه إلى الأمن القومي العربي، فلعبوا مع ” واشنطن ” لعبة المصالح ، وتفكيك الأوطان ، من أجل حكمهم لشرق أوسط جديد بقشرة إسلامية، أسميناه –وقتذاك – تهكماً ” شرق أوسط أمريكي .. بلحية ” فكانت تحركاتهم وتورطهم المقصود في ليبيا وسوريا (طيلة الأعوام 2011-2013) تحت وهم وصول فروع تنظيمهم الدولي إلى السلطة في تلك البلاد ليس على حساب الثورات ووحدة البلاد والوطن فحسب بل علي حساب فلسطين وقضايا المقاومة.

مرسي وبيريز
تفاهموا مع (بيريز) وصار في الرسائل المتبادلة مع د. محمد مرسي ” صديقي الوفي!” مثالا تاريخيا حيا لذلك التحالف ولتلك الصداقة (الاخوانية – الإسرائيلية المتصاعدة) ونفس الأمر طبق مع جون ماكين وأوباما، ولكن النتيجة كانت في غير صالحهم، لم يقرأ الإخوان والملتحقين بهم من قوى الإسلام السياسي، المشهد جيداً، لم يفهموا طبيعة المجتمع الذي حكموه فهماً صحيحاً.

لقد كانوا في عجلة من أمرهم، فأرادوا اختصار الوطن في (جماعة) ولم يدمجوا (الجماعة) في الوطن، كانت الثورة ضدهم عارمة ومتنوعة الأدوات والتيارات ، ومهما سيقت الحجج بأن ما جرى “انقلابا” إلا أن الواقع وما جرى فيه كان يؤكد غير ذلك تماماً.


  • بالإجمال يمكن القول أن حكم الإخوان ومن التحق بهم من تيارات الإسلام السياسي قد خلق في مصر حالة حادة من الاستقطاب السياسي والاجتماعي لم تكن لتهدأ أو تتفكك إلا برحيل الإخوان عن الحكم.

حالة كان من أبرز مكوناتها وفقاً لما انتهت إليه أوراق ندوة مستقبل الإسلام السياسي في الوطن العربي (مركز دراسات الوحدة العربية – بيروت – 30/11/2013 والتي كان كاتب هذا المقال مشاركا فيها ) ما يلي:
1 – إتباع سياسات المغالبة والمواجهة فبعد أسبوع من توليه الحكم أصدر الرئيس مرسي مرسوماً بدعوة مجلس الشعب للانعقاد، وهو المجلس الذى قضت المحكمة الدستورية العليا بحله لعدم دستورية القانون الذى تم انتخابه وفقاً له مما دفع المحكمة إلى اتخاذ قرار بعدم دستورية قرار الرئيس واعتباره منعدماً وكأنه لم يكن.

وكان هذا المرسوم بداية لإجراءات سعت إلى السيطرة والاستحواذ على مفاصل القوة في الدولة والمجتمع مما دفع إلى مواجهات بين الحكم ومؤسسات القضاء، والإعلام، والأزهر، والأحزاب والقوى المدنية، وإلى نمو مخاوف الجيش والشرطة تجاه مخططات الإخوان.

إقصاء المخالفين
2 – كان الوجه الآخر للاستحواذ هو ” إقصاء ” المخالفين في الرأي عن مواقع التأثير وهى السياسة التي أصابت أقرب حلفاء الإخوان وهو (حزب النور) الذى أعرب عن اعتراضه على سياسات الحكم الاستحواذية.

اللجوء للعنف
3 – اللجوء إلى العنف على مستواه اللفظي والمادي، اتضح العنف اللفظي في أحاديث وبرامج القنوات الدينية وتصريحات قيادات أحزاب الإسلام السياسي في تناولها لموضوعات المسيحيين ، والشيعة ، والخصوم السياسيين، أما العنف المادي فقد ظهر في فض اعتصام الاتحادية بواسطة مجموعات من الإخوان، وإطلاق الرصاص على المتظاهرين أمام المركز الرئيسي لجماعة الإخوان في المقطم.

  • بالقطع لا يمكن فهم هذه الأنماط وفقاً لاعتبارات السياسة العملية وحسب ، لأن لها أسسها العقيدية في فكر الإخوان المسلمين وجوهره أن ما يعتقدون فيه هو الإسلام ، وما عداه ليس كذلك والدمج بين النشاط السياسي والعمل الدعوى وذلك باعتبار أن موضوع ” الحكم ” من أمور الإيمان والعقيدة وفقاً لتراث حسن البنا وسيد قطب وأدبيات الإسلام السياسي التي لم تراجع حتى اليوم وأدت إلى فشلهم الذريع عندما تولوا الحكم . حرب أهلية
    وكادت أن تؤدى بالبلاد إلى حرب أهلية وصراع سياسي طويل المدى وأدت بقطاعات واسعة من الشعب إلى مظاهرات مليونيه في 30/6/2013 الأمر الذى دفع الجيش للتحرك وإعلان خارطة الطريق يوم الأربعاء 3/7/2013 عبر بيان ألقاه المشير عبد الفتاح السيسي .

كانت أبرز نقاط بيان القوات المسلحة في 3/7/2013 :
1 – إن القوات المسلحة لم يكن في مقدورها أن تصم آذانها أو تغض بصرها عن حركة ونداء جماهير الشعب، التي استدعت دورها الوطني وليس دورها السياسي، على أن القوات المسلحة كانت هي بنفسها أول من أعلن ولا تزال وسوف تظل بعيدة عن العمل السياسي.

2 – ولقد استشعرت القوات المسلحة – انطلاقاً من رؤيتها الثاقبة – أن الشعب الذي يدعوها لنصرته لا يدعوها لسلطة أو حكم، وإنما يدعوها للخدمة العامة والحماية الضرورية لمطالب ثورته، وتلك هي الرسالة التي تلقتها القوات المسلحة من كل حواضر مصر ومدنها وقراها، وقد استوعبت بدورها هذه الدعوة وفهمت مقصدها وقدرت ضرورتها واقتربت من المشهد السياسي آملة وراغبة وملتزمة بكل حدود الواجب والمسئولية والأمانة.

3 – لقد بذلت القوات المسلحة خلال الأشهر الماضية جهودًا مضنيه بصوره مباشره وغير مباشره لاحتواء الموقف الداخلي وإجراء مصالحة وطنية بين كافة القوى السياسية بما فيها مؤسسة الرئاسة منذ شهر نوفمبر 2012، بدأت بالدعوة لحوار وطني استجابت له كل القوى السياسية الوطنية وقوبل بالرفض من مؤسسة الرئاسة في اللحظات الأخيرة … ثم تتابعت وتوالت الدعوات والمبادرات من ذلك الوقت وحتى تاريخه.

تقدير موقف للمخاطر
4 – كما تقدمت القوات المسلحة أكثر من مرة بعرض تقدير موقف استراتيجي على المستوى الداخلي والخارجي تضمن أهم التحديات والمخاطـر التى تواجه الوطن على المستوى [الأمني / الاقتصادي / السياسي / الاجتماعي.

ورؤية القوات المسلحة كمؤسسة وطنية لاحتواء أسباب الانقسام المجتمعي وإزالة أسباب الاحتقان، ومجابهة التحديات والمخاطر للخروج من الأزمة الراهنة.

5 – في إطار متابعة الأزمة الحالية اجتمعت القيادة العامة للقوات المسلحة بالسيد / رئيس الجمهورية في قصر القبة يوم 22/6/2013 حيث عرضت رأى القيادة العامة ورفضها للإساءة لمؤسسات الدولة الوطنية والدينية، كما أكدت رفضها لترويع وتهديد جموع الشعب المصري.

6 – ولقد كان الأمل معقودًا على وفاق وطني يضع خارطة مستقبل ويوفر أسباب الثقة والطمأنينة والاستقرار لهذا الشعب بما يحقق طموحه ورجاءه، إلا أن خطاب السيد / الرئيس ليلة (2/7/2013) وقبل انتهاء مهلة الـ [48] ساعة جاء بما لا يلبى ويتوافق مع مطالب جموع الشعب ، الأمر الذى استوجب من القوات المسلحة، استنادًا على مسئوليتها الوطنية والتاريخية التشاور مع بعض رموز القوى الوطنية والسياسية والشباب ودون استبعاد أو إقصاء لأحد.

خارطة طريق
اتفق المجتمعون على خارطة مستقبل تتضمن خطوات أولية تحقق بناء مجتمع مصري قوى ومتماسك لا يقصى أحدًا من أبنائه وتياراته وينهى حالة الصراع والانقسام.. وتشتمل هذه الخارطة على الآتـي:

● تعطيل العمل بالدستور بشكل مؤقت.
● يؤدي رئيس المحكمة الدستورية العليـا اليميـن أمام الجمعية العامة للمحكمة.
● إجراء انتخابات رئاسية مبكرة على أن يتولى رئيس المحكمة الدستورية العليا إدارة شئون البلاد خلال المرحلة الانتقالية لحين انتخاب رئيساً جديداً.
● لرئيس المحكمة الدستورية العليا سلطة إصدار إعلانات دستورية خلال المرحلة الانتقالية.
● تشكيل حكومة كفاءات وطنية قوية وقادرة تتمتع بجميع الصلاحيات لإدارة المرحلة الحالية.
● تشكيل لجنة تضم كافة الأطياف والخبرات لمراجعة التعديلات الدستورية المقترحة على الدستور الذى تم تعطيله مؤقتاً.
● مناشدة المحكمة الدستورية العليا لسرعة إقرار مشروع قانون انتخابات مجلس النواب والبدء في إجراءات الإعداد للانتخابات البرلمانية.
● وضع ميثاق شرف إعلامي يكفل حرية الإعلام ويحقق القواعد المهنية والمصداقية والحيدة وإعلاء المصلحة العليا للوطن.
● اتخاذ الإجراءات التنفيذية لتمكين ودمج الشباب في مؤسسات الدولة ليكون شريكاً في القرار كمساعدين للوزراء والمحافظين ومواقع السلطة التنفيذية المختلفة.
● تشكيل لجنة عليا للمصالحة الوطنية من شخصيات تتمتع بمصداقية وقبول لدى جميع النخب الوطنية وتمثل مختلف التوجهات.

7 – وانتهى بيان القوات المسلحة إلى القول : تهيب القوات المسلحة بالشعب المصري العظيم بكافة أطيافه الالتزام بالتظاهر السلمى وتجنب العنف الذى يؤدى إلى مزيد من الاحتقان وإراقة دم الأبرياء.

وتحذر من أنها ستتصدى بالتعاون مع رجال وزارة الداخلية بكل قوة وحسم ضد أي خروج عن السلمية طبقاً للقانون وذلك من منطلق مسئوليتها الوطنية والتاريخية .


المضمون الحاسم إنقاذا وليس انقلابا
المضمون النهائي لبيان القوات المسلحة الذى ألقاه ” السيسي ” ورسالته التي أراد أن يوصلها هو أن مصر كانت على شفا ” الحرب الأهلية “، فتحرك جيشها مسانداً للشعب إنقاذاً وليس انقلابا، إنقاذاً لوطن من قوى هددت هويته ، وركائز وجوده ، ودوره الإقليمي، وحرفت بوصلة أمنه، وأضرت بوحدته ونسيجه، في سبيل الحكم، وباسم الدين، الذى كان براءً مما فعلوا، فكانت ثورة 30 يونيو ومن بعدها 3 يوليو 2013 هي إنقاذ للوطن وللدين معاً.

جوهر ما جرى لايزال ماثلاً ولايزال قادراً على تقديم الجديد والتأثير في الوضع الجيوستراتيجي العربي،


  • ويمكن إجمال أبرز التحديات التى واجهت مصر صباح يوم 30 يونيو 2013 والتي سميت ب(المرحلة الانتقالية )والتى انعكست تأثيراً وتأثراً بالوضع الاستراتيجى العربى فى :

1 – تحدى الإرهاب المنظم ، التي بدأت في الظهور والتي تتبع تنظيمات الاخوان المسلحة والسرية ودواعش سيناء و القاعدة ، ومن تحالف أو نسق معه من قوى الإسلام السياسى (والتي تواجد بعضها في غرب الحدود مع ليبيا) ، كان واحدا من أبرز التحديات أمام مصر فى مرحلتها الانتقالية ذات الخطوات الثلاث (الدستور – الرئاسة – البرلمان) .

وجميعنا يتذكر –الان- أنه يومها كلما اقتربت مصر من إنجاز خطوة من تلك الخطوات ، تصاعدت وتيرة العنف والإرهاب خاصة في سيناء ، والحدود الغربية.

إعادة بناء المؤسسات
2 – تحدى إعادة بناء مؤسسات الدولة الحديثة والجديدة، بعد أن تعرضت لما يمكن تسميته بـ عملية تجريف استراتيجي واسعة قام بها نظامي مبارك والإخوان؛ فأفقدت الدولة هيبتها ووحدتها ،ولولا يقظة الشعب وتمرده وانحياز أول وأعرق مؤسسة عميقة في الوطن له ، ونقصد بها مؤسسة الجيش لأمكن للإخوان أن يحققوا حلمهم الإرهابي القديم .. ولكن على أنقاض (الدولة) التي أكملوا فيها ما بدأه أنظمة وأجهزة مخابراتية من تفكيك وتجريف سياسي واستراتيجي واسع.

حية وخالدة
إن دولة بهذا الحال بعد 30 يونيو 2013 كان يعد إعادة إحياء دورها ومؤسساتها، واحد من أبرز التحديات التي واجهتها مصر في مرحلتها الانتقالية.

وقد نجحت في المواجهة بالفعل ..واليوم (2023) وبعد عشر سنوات من العمل الشاق في كل المجالات ….علينا أن نعيد التأكيد علي هذه المعاني الاستراتيجية في الديمقراطية والعدل الاجتماعي ومقاومة الإرهاب ..حتي تستمر (روح 30 يونيو ) حية و خالدة.

وللحديث بقية..

*الكاتب، خبير استراتيجي
*المقالات تعبر عن آراء كتابها

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى