تطبيقات المراهنات وحلم الثراء السريع

إعداد: نسرين طارق

يُعدّ حلم الثراء السريع من أكثر الأحلام شيوعًا بين الشباب، خاصةً في العصر الحالي الذي يزخر بالإعلانات والإغراءات التي تُروج لأساليب سهلة وسريعة لتحقيق الثروة.

جاذبية حلم الثراء السريع تعتمد على الهروب من الواقع، حيث يعاني الكثير من الشباب من ظروف مادية صعبة مع قلة فرص العمل، مما يدفعهم إلى البحث عن حلول سريعة لتحسين أوضاعهم.

كما تُروّج وسائل الإعلام والإعلانات لنمط حياة مُرفه ومُبذّر، مما يُحفّز الشباب على السعي وراء الثراء السريع لتلبية رغباتهم الاستهلاكية والظهور بمظهر مميز (التفاخر).

ويُربط بعض الشباب الثروة بالقوة والنفوذ، مما يدفعهم إلى السعي وراءها لتحقيق طموحاتهم وتغيير مسار حياتهم.

هل للأحلام مخاطر؟

الاجابة نعم بعض أحلام الثراء السريع تسبب مخاطر المالية مثل المراهنات والمشاريع غير المُدروسة من أكثر الطرق شيوعًا لتحقيق الثراء السريع، لكنها تنطوي على مخاطر مالية كبيرة قد تؤدي إلى خسائر فادحة.

ومن المخاطر الأخرى أيضا الوقوع فريسة للخداع والنصب، يستغل بعض الأشخاص رغبة الشباب في الثراء السريع من خلال الاحتيال والنصب عليهم في مشاريع وهمية أو استثمارات غير حقيقية.

ويتطور الأمر ليُصبح السعي وراء الثراء السريع هاجسًا يُسيطر على تفكير الشباب، مما قد يؤدي إلى الإدمان على سلوكيات سلبية تُضرّ بصحتهم النفسية وعلاقاتهم الاجتماعية.

البدائل الواقعية لتحقيق الثراء

لا يوجد بديل حقيقي للثراء الا العمل الجاد والمثابرة لتحقيق الهدف على المدى الطويل.

ويُعدّ الاستثمار في التعليم والتطوير الذاتي من أهمّ الخطوات لبناء مهارات قوية تُساعد في الوصول إلى فرص عمل أفضل وأجور أعلى.

بالإضافة الى التخطيط المالي السليم وإدارة الأموال بشكل فعّال ووضع أهداف مالية واقعية قابلة للتحقيق، كما يُمكن الاستفادة من فرص الاستثمار المُدرّة للدخل لتحقيق ثروة على المدى الطويل، لكن يجب اختيار الاستثمارات بدقة ودراسة المخاطر المُرتبطة بها.

انتشرت في السنوات الأخيرة تطبيقات المراهنات التي توعد بتحقيق الثراء السريع الحلم الذي يسعى إليه كل الشباب.

ما هي تطبيقات المراهنات؟

تطبيقات للهواتف الذكية تسمح للمستخدمين بالمراهنة على الأحداث الرياضية وغيرها من الأحداث، وتقدم هذه التطبيقات مجموعة متنوعة من الميزات.

تقوم فكرة تطبيقات المراهنات على توقع نتائج مباريات كرة القدم مثلا، للحصول على أموال نتيجة التوقع الصحيح عن طريق الاشتراك بقيمة مالية والفوز بعد التوقع الصحيح الكثير الذي يشمل ما قام بدفعه هو وما دفعه غيره من المتسابقين.

المراهنة أو المقامرة الممنوعة تختلف عن مسابقات التوقعات والتي تكون الجائزة فيها من أموال المنظمين لها أو من أي جهة مستقلة تقدمها للفائزين بحسب فتوى لدار الإفتاء.
ونشر معهد كيندبريدج للأبحاث في الولايات المتحدة الأمريكية المتخصص في علاج إدمان القمار بَحْثًا مطولًا عن خطورة المراهنات والتي تؤدي إلى اضطرابات وأزمات قد تطال سلامة البشر أنفسهم.

عيوب تطبيقات المراهنات

تطبيقات المراهنات لها عيوب كثيرة، أهمها خسارة الأموال بسهولة.

كما أن بعض مواقع المراهنات احتيالية قد لا تدفع للمستخدمين أرباحهم، بالإضافة إلى تحريم المراهنات.

ويعد معدل مشاكل المقامرة بين المراهنين في كرة القدم هو الأعلى، ضعف مشاكل المقامرة التي يعاني منها المقامرون الآخرون بسبب أن المقامرة عبر الإنترنت متاحة على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع.

• مشاكل مالية: مع زيادة نشاط المراهنات الرياضية ، تزداد الخسائر وهنا يبدأ المقامرون الذين يعانون من مشاكل في اقتراض الأموال – أو حتى سرقتها – لمواصلة المقامرة مع تفاقم وضعهم المالي .
• قضايا قانونية : يلجأ المدمنون على المراهنات الرياضية أحيانًا إلى الجريمة عندما تنفد جميع مصادر الأموال بشكل مشروع، قد يشمل ذلك السرقة أو الاختلاس لتعويض الخسائر وهو ما يهدد سلامتهم.
• العلاقات المتوترة أو المقطوعة : يمكن أن تتضرر العلاقات بشكل لا يمكن إصلاحه حيث يكذب المراهنون الرياضيون على الأصدقاء والعائلة أو يسرقون منهم .
• فقدان الوظيفة: يمكن أن يؤدي إدمان المراهنات الرياضية إلى انخفاض الإنتاج في العمل بالتغيب عنه وافتعال الأزمات بسبب القلق والأرق والضغط العصبي مما قد يتسبب في فقدان الوظيفة .
• أمراض عقلية: بالنسبة للأشخاص الذين يعانون بالفعل من مشاكل نفسية – مثل القلق والاكتئاب – يمكن أن يؤدي القمار إلى تفاقم الأعراض وحدوث مشكلات في الصحة العقلية .
• انتحار: وفقًا لجمعية الطب النفسي الأمريكية ، فإن الأشخاص الذين يعانون من مشاكل القمار أكثر عرضة للانتحار.
• أمراض بدنية: غالبًا ما يؤدي الإجهاد الناجم عن الإفراط في القمار إلى الأرق، يمكن أن يكون للنوم المتقطع تأثير خطير على الصحة البدنية بما في ذلك زيادة الوزن أو فقدانه ، ومشاكل الجهاز الهضمي ، وأمراض القلب ، والصداع النصفي ، وارتفاع ضغط الدم ، والسكري ، وانخفاض المناعة.

حرام شرعًا

أعلنت دار الإفتاء المصرية أن المتفق على تحريمه أي صورة يكون فيها مال الجائزة من جميع المتسابقين لأن الأحكام تناط بالمسميات لا بالأسماء، وقد يشتبه في إلحاق بعض الحالات بأي من الصورتين، فيحكم لها بحكم أقربهما شبها منها.

القانون المصري يجرم المراهنات

ويجرم القانون المصري القمار والمراهنات حيث تقول المادة 352 من قانون العقوبات ” كل من أعد مكاناً لألعاب القمار وهيأه لدخول الناس فيه يعاقب هو وصيارف المحل المذكور بالحبس وبغرامة لا تجاوز ألف جنيه وتضبط جميع النقود والأمتعة في المحلات الجاري فيها الألعاب المذكورة ويحكم بمصادرتها.

ونصت المادة 353 من الفصل الخاص بأحكام ألعاب القمار والنصيب بقانون العقوبات رقم 73 لسنة 1957 على “يعاقب بهذه العقوبات أيضا كل من وضع للبيع شيئاً في النمرة المعروفة باللوتيري دون إذن الحكومة وتضبط أيضا لجانب الحكومة جميع النقود والأمتعة الموضوعة في النمرة”.

ومع التقدم التكنولوجي، وانتقال المقامرة إلى الإنترنت، وأهمها المراهنات الرياضية لم يضع قانون الجرائم الإلكترونية رقم ١٧٥ لسنة ٢٠١٨ نصًا واضحًا على العقوبة ولكن يواجهها بالمادة ٢٣ من الجرائم المرتكبة بواسطة أنظمة وتقنيات المعلومات والتي تقول “يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر والغرامة التى لا تقل عن ثلاثين ألف جنيه ولا تجاوز خمسين ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من استخدم الشبكة المعلوماتية أو إحدى وسائل تقنية المعلومات، فى الوصول بدون وجه حق إلى أرقام أو بيانات أو بطاقات البنوك والخدمات أو غيرها من أدوات الدفع الالكترونية.فإن قصد من ذلك استخدامها فى الحصول على أموال الغير أو ما تتيحه من خدمات، يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر وغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين.وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة، والغرامة التى لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تجاوز مائتى ألف، أو إحدى هاتين العقوبتين، إذا توصل من ذلك إلى الاستيلاء لنفسه أو لغيره على تلك الخدمات أو مال الغير.

هل تحقق تطبيقات المراهنات حلم الثراء السريع؟

الإجابة المباشرة.. لا.

الثراء السريع من خلال المراهنات حلم وهمي في الغالب.

للأسف، يُغرى كثيرون بوعود الثراء السريع المقدمة من قبل تطبيقات  المراهنات، لكن  الحقيقة مختلفة تمامًا، ففي واقع  الأمر، تُشير  الدراسات  والإحصائيات  إلى  أن  غالبية المراهنين يخسرون أموالهم  على المدى  الطويل.

أظهرت الأبحاث أن 45٪ من المراهنات الرياضية تتم عبر الإنترنت ووصل الأمر للرياضيين المحترفين حيث كشف تقرير أوروبي حديث أن 57٪ من الرياضيين المحترفين شاركوا في المراهنات الرياضية في عام 2017 ، و 8٪ أظهروا مشاكل لعب القمار بينما قام 75٪ من الطلاب بالمقامرة (وفقًا لبيانات عام 2018) ويعاني الشباب من مشاكل المقامرة أعلى من البالغين.

وأجرى المجلس الوطني الأمريكي مراجعة لأكثر من 140 دراسة وتقريرًا حول الصلة بين المراهنات الرياضية وإدمان القمار.

وبين عامي 2004 و 2018 ، تضاعفت المراهنات الخيالية أربعة مرات في الولايات المتحدة وهو ما دفع المحكمة العليا الأمريكية لحظر الفيدرالي المراهنات الرياضية في معظم الولايات الأمريكية عام 2018.

أسباب فشل حلم الثراء السريع من خلال المراهنات

المراهنات تعتمد بشكل كبير على الحظ. مهما كانت مهاراتك في تحليل الاحتمالات، لذلك لا يمكن ضمان الفوز، قد تفوز مرة وتخسر مرات أخرى أي انه مصدر دخل غير مضمون ولا يعتمد عليه.

تطبيقات المراهنات مصممة لمكسب الشركات المُقدمة  للتطبيق وليس  المُراهنين، كن ذكيًا ولا تُخاطر بأموالك.

فهذه التطبيقات تجذب المُستخدمين من خلال العروض المُغرية والمكافآت، لكنها في النهاية تربح من خسائرهم.

المراهنات قد تُصبح إدمان مع الوقت، فمع الخسائر المتكررة، قد يلجأ المُراهنون إلى المراهنة بمبالغ أكبر لمحاولة تعويض خسائرهم، مما يُؤدي إلى تفاقم المشكلة.

من المهم ملاحظة أن تطبيقات المراهنات قد تكون غير قانونية في بعض الدول.

يجب على المستخدمين التحقق من قوانين بلادهم قبل استخدام أي تطبيق مراهنات.

في النهاية الثراء السريع حلمٌ مُغريٌّ لكنّه قد يكون وهميًا في كثير من الأحيان، الاعتماد على العمل الجاد والتخطيط المالي السليم والاستثمار المُدروس هي الطرق  الواقعية الأكثر أمانًا لتحقيق الثروة على المدى البعيد.