هانى مباشر يكتب: "الوزير الجماهيري".. وكيف يتواصل مع المواطنين؟!
من هو الوزير الجماهيري؟
وما هي مواصفات ذلك الوزير الناجح، وكيف يقاس نجاحه ونجاح الوزارة؟.. وهل هو ناجح لأنه متخصص مهنيا في مجاله أم الخبرة والكفاءة في القيادة؟
وهل المطلوب منه أن يكون متواجد إعلاميا وأن تسبقه الكاميرا، أم هي التي يجب أن تلهث وراء أعماله وأفعاله؟.. و”المستشارين” هل هم نعمة أم نقمة؟.. وها مطلوب مستشارين أكفاء بعيدا عن دوائر أهل الثقة أم أنه لا يمكن الاستغناء عن هؤلاء الأهل؟.. وهل يجب أن يكون لديه قدرة كبيرة على تحمل النقد أم للصبر حدود كما تغنت الست أم كلثوم..
أسئلة كثيرة لابد من الإجابة عليها الآن وليس آجلا.. فالظروف والأحوال ولا عامل الوقت يسمح بأي تأجيل.
المسؤول لكي ينجح جماهيريا يجب أن يلزم نفسه منذ بداية توليه المسؤولية بمجموعة من الالتزامات والضوابط الأخلاقية والعملية التي تسهل له تحقيق أهدافه الاستراتيجية التي يريد تحقيقها.
يجب أن يكون لديه قدرة كبيرة على تحمل النقد – وخصوصا في عصرنا هذا عصر وسائل التواصل الاجتماعي بكل ما فيها من شائعات وتجاوزات لا يمكن التحكم فيها- وأن لا تؤثر الانتقادات على التزامه بتحقيق الأهداف والغايات التي وضعها في برنامجه قبل تولي المسؤولية، ونجاح المسؤول في تحقيق أهدافه وسياساته سيكون هو الرد الأمثل على هذه الانتقادات.
وكذلك يجب أن يتمتع المسؤول بالقدرة على اتخاذ القرارات الصعبة وحسم الأمور مع عدم الخوف من ارتكاب بعض الأخطاء بعض الأحيان- فالخوف من ارتكاب الخطأ قد يحرمنا من إدراك النجاح.
وعليه كذلك أن يستمع جيدا لمستشاريه قبل اتخاذ القرار، وأن يكون مستعدا لتقبل بعض التقديرات الخاطئة من جانبهم في بعض الأحيان.
هنا أستعين بإثنين من الأساتذة المختصين وهما “الدكتور محمود السعيد.. عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية” و”الدكتور فتحي الشرقاوي.. أستاذ علم النفس السياسي ونائب رئيس جامعة عين شمس السابق” ليقوما بوضع روشته من ٥ بنود لأي وزير أو مسؤول يريد أن ينجح بحق ويستحق عن جدارة لقب “وزير جماهيري”:
● يجب على الوزير أن يكون قارئا جيدا لمعطيات الواقع والظروف المعايشة وأن يكون على تواصل مع الرأي العام ، الذي يتعامل معه في قطاعه، وانفصاله يقوده إلى الانفصال في التعامل واتخاذ قرارات ليس لها علاقة أو مردود إيجابي.
● “تكنوقراطية الوزير” ليست كافية لنجاحه حيث يجب أن يتمتع بحس سياسي ليتكامل مع تكنوقراطيته فيحقق النجاح المطلوب.
● ضرورة تكوين فريق عمل يضم مجموعات من المستشارين والخبراء المختصين الأكفاء بعيدا عن دوائر الاهواء وأهل الثقة.
● لابد من وجود هيئة إعلامية وليس مجرد مستشار إعلامي يصدر بيانات، هيئة احترافية تتولى توجيه بوصلة الرأي العام بشكل إيجابي تجاه الملفات التي يتولاها الوزير أو الوزارة، وكذلك إيضاح الحقائق والرد سريعا على أية شائعة أو معلومة خاطئة وحسن اختيار توقيت الحديث مع الرأي العام.
● لا نجاح يتحقق بدون تنسيق وتواصل متبادل مع مختلف الجهات، فلا تعليم ناجح بدون ثقافة ناجحة بدون اعلام ناجح مثلا!
نجاح أي وزير ووزارة هو التواصل مع الناس والتواجد في الميدان والتنسيق والتعاون بشكل وثيق مع كل الجهات، وتعزيز التواصل مع المواطنين، للاستماع إلى ملاحظاتهم والوقوف على احتياجاتهم.
انتهت تعليمات “الروشتة” الوافية.
لكن يبقى أن أقول هناك أشخاص يعملون بصمت، وينجزون بهدوء، ولا تجد أية ضوضاء إعلامية تصدر عنهم، رغم أن ما يقومون به أمر كبير جداً.
هذه النوعية من الأشخاص أو المسؤولين الذين يمكن أن نصفهم بأنهم يعملون لأجل (الصالح العام) أو (القضية الأكبر) أو (الوطن)، الذين لا يعملون من أجل تلميع أنفسهم، أو إبراز مجد شخصي يحققونه، مستغلين مواقعهم في منظومة الوطن.
وهناك أمثلة لربما لا تكون عديدة على مسؤولين من هذا الطراز، من العاملين بصمت، والمنجزين بتواضع، الذين يتحقق رضاهم الشخصي من خلال خدمة بلدهم ومواطنيهم وهم الذين يعملون على حل المشاكل والتحديات التي تواجه القطاعات المسؤولين عنها ومتابعة كل تلك التحديات والتغلب عليها سواء كانت من ضمن صلاحيات الوزارة أو من خلال التنسيق مع وزارات أخرى، ودارسة كل المقترحات لدعم عملهم وتطويع وتسخير الإمكانيات التي تجعله قادراً على مجابهة الكثير من التحديات.
