إرهاب صهيوني جديد: ميلشيات المستوطنين الدموية تحول قرى الضفة لجهنم.. وسط سكوت العرب والغرب وتمثيليات نتنياهو وشلته
تحليل: إسلام كمال
ميلشيا مستوطني الضفة الغربية الملثمين، وهم يعربدون ويحرقون ويقتلون ويدمرون البيوت والمساجد والكنائس ويقطعون المصاحف والأناجيل ويلقونها في الأرض، يذكرونا بأجدادهم من عصابات الهاجاناه، الذين كانوا أكثر دموية منهم، فهؤلاء كانوا يقتلون النساء والشيوخ والأطفال ويمثلون بالجثث ويغتصبون الفتيات، ويبقون البعض أحياء بعد مذابحهم ليحكوا ما حدث فيشيع الرعب منهم.
نفس الدائرة الدموية، ونفس الأسلوب الصهيوني، ونحن نتحدث عن حوالى 700 ألف مستوطن مستعمر يحاصرون سكان الضفة، في مداخل بلداتهم، وأغلبهم على التلال، وبالتالي هم في أماكن استراتيجية يصعب مواجهتهم.
وها هم خلال الأيام الأخيرة، هم من يهاجمون القرى الفلسطينية تحت رعاية جيش الاحتلال، والمثير للكوميديا، أن القيادة الإسرائيلية تقسم الأدوار بين رافض ومؤيد، حتى يقنعوا المجتمع الدولي الذي تحرك على مضض ضد تلك الجرائم، بإنه هناك جدل حول جرائم المستوطنين، والجيش يحاول السيطرة عليها، وألقوا القبض على عدد من المستوطنين ثم تركوهم.
ومن الطبيعي، أن يدعم وزيرا الصهيونية الدينية بن جفير وسموترتيش جرائم ميلشيات المستوطنين، لأنهما هما نفسيهما كانا من قيادات مثل هذه العصابات في شبابهما، وما لا يعرفه البعض إن الوزير المختص بالضفة الآن إداريا وعسكريا هو سموترتيش، الذي يعتبر بخلاف كونه وزيرا للمالية، فهو وزير ثاني للدفاع، مختص بإدارة سلطات الاحتلال المدنية والعسكرية في الضفة الغربية، وبالتالي فالقرار في يده.
والجيش الإسرائيلي يحاول تحسين صورته بادعاء أنه لا يستطيع مواجهة هؤلاء القتلة، لأنهم “مواطنون إسرائيليون” في تشريع جديد للاحتلال، لكنه ألقى القبض على بعض جنوده لأنهم تورطوا في هذه الجرائم، لأنهم هم أنفسهم مستوطنون، بل ووصل الأمر إلى إنهم يسربون لهم المعلومات حتى ينشئوا بؤر استيطانية غير شرعية في عز الفوضى.. استجوب الجيش أحد الجنود للاشتباه في تسريبه معلومات سرية للمستوطنين لإحباط إخلاء بؤر استيطانية.
وأعلن الجيش إنه أصيب جندي بجروح طفيفة خلال اشتباكات بين عشرات المستوطنين والفلسطينيين قرب قرية أم صفا شمال رام الله، جرى خلالها رشق متبادل للحجارة، في إطار الترويج لمحاولة الجنود تهدئة الاشتباكات، وتحويلها من الأساس لاشتباكات لا هجوم مسلح من المستوطنين على الفلسطينيين.
وقال الجيش الإسرائيلي إنه اعتقل مستوطنا شارك في أحداث قرية أم صفا بالضفة، وفلسطينيون أشعلوا النار في سيارة عسكرية للجيش، أي إنه لا يفرق بين الطرفين.
بل ووصل الأمر بالمتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أنه قال لوسائل الإعلام الأجنبية إن عمليات الحرق التي نفذها المستوطنون في قرية أم صفا الفلسطينية، أعمال إرهابية نفذها مجرمون، وهذا ما أثار ضجة سياسية كبيرة، وخرج الوزراء من كل القوى، بما فيها الليكود، للتهجم على المتحدث العسكري.
وقال الجيش الإسرائيلي تعقيبا على جرائم المستوطنين في رام الله: سنواصل العمل بحزم لوقف أي استخدام للعنف وتدمير الممتلكات، وندين الجرائم “القومية”.
وكان كل ذلك محاولة من الجيش الإسرائيلي ، كما فعل نتنياهو والمعارضة، وسط صمت وزير الخارجية، لتهدئة الضغط الدولي على تل أبيب، والذى وصل حتى أن واشنطن انتقدت إسرائيل، وأوقفت التعاون الاقتصادي مع المستوطنات، في كشف لكارثة جديدة، وهى أن الإدارة الأمريكية تعترف بمناطق غير قانونية وفق القانون الدولي في أراضي محتلة.
وقال السفير الألماني لدى إسرائيل ستيفان سيبرت إنه يدين إحراق المستوطنين المنازل والمركبات الفلسطينية في قرية أم صفا في رام الله، وقال إنه مصدوم من اندلاع جديد لعنف المستوطنين، ولا يمكن استغلال العمليات الفلسطينية الأخيرة على أنها ذريعة، وبحسب القانون الدولي تقع على عاتق إسرائيل مسؤولية الحفاظ على حياة وأمن الفلسطينيين.
وأدان زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد بشدة حرق المستوطنين منازل وسيارات فلسطينية في قرية أم صفا، ويشير إلى أن عنف المستوطنين يتجاوز كل الحدود، ويعتبر أن إطلاق النار على منازل وسيارات الأبرياء عمل غير إنساني، ويجب على نتنياهو إدانة هذا العار والتهديد الأمني والتعامل معه بصرامة.
فيما تحركت دولة من دول التطبيع الإبراهيمي أخيرا، وأدانت البحرين بشدة الاضطرابات العنيفة التي قام بها المستوطنون ضد الفلسطينيين في جميع أنحاء الضفة، والتي تسببت في وقوع ضحايا وجرحى، ودعت إلى تهدئة الأوضاع في الأراضي الفلسطينية ووقف العنف والتصعيد.
وكان مفاجئا للبعض أن وزراء يروجون عن أنفسهم الاعتدال، يدعمون المستوطنين، ومنهم وزير الطاقة الإسرائيلي الليكودي يسرائيل كاتس، الذى قال إن أعمال الشغب والتخريب التي وقعت بالضفة الغربية من قبل المستوطنين، ليست عملًا إرهابيًا.
فيما أعلنت السلطة الفلسطينية أعلنت، عن تشكيل لجان شعبية لحماية القرى التي تتعرض للهجوم، وبات لهم تكتيك استباقي، حتى يردعون المستوطنين قبل أن يقتربوا من قراهم.
فيما هاجم نتنياهو ضد بن غفير بقوله: “الاستيلاء غير المشروع على الأراضي وبناء المزيد من البؤر الاستيطانية يضر بمصالح إسرائيل ويجب أن يتوقف فورًا”، يقول هذا وهو نفسه من أقر مشروع استيطاني كبير يصم أكثر من 4 آلاف وحدة سكنية.
وأفاد معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي المقرب من الدوائر المخابراتية السيادية الإسرائيلية، أحد أكبر المخاطر لعملية واسعة النطاق في الضفة الغربية هو تسريع انهيار السلطة الفلسطينية، ومثل هذا الانهيار يتعارض مع مصلحة الأمن القومي الإسرائيلي، وما يحدث من هجمات المستوطنين يعجل بذلك.
وحتى النواب اليساريون والوسطيون يستغلون الموقف لتقنين وضع المستوطنين، فيقولون “الإسرائيليون يشعلون النار في منازل الفلسطينيين”.. الشعب الفلسطيني يعيش في خوف. بأسمائنا ترتكب جرائم ضد الأطفال، إنه أمر مرعب”.
وترك محللون إسرائيليون ما يفعله المستوطنون، وركزوا فقط في المفاجأة التكتيكية الفلسطينية التي صدمت الجيش الإسرائيلي في جنين، متسائلين هل تتركونها حتى تتحول لغزة جديدة، خاصة مع إطلاق صاروخ محلى منها، في مقتبل اليوم، وقالوا ، يمكن لوزير الدفاع يوآف جالانت الاستمرار في دفن رأسه في الرمال بينما يركض قائد القيادة المركزية وقائد فرقة الضفة الغربية والإدارة المدنية لإيقاف الأحداث المتسارعة في الضفة، التي يُنظر إليها من قبل الجيش على أنها تكتيكية.
الأحداث الخطيرة الجارية في الضفة ليست تكتيكية قصيرة الأمد بل استراتيجية معقدة، هذه الأحداث قد تؤدي إلى انهيار السلطة الفلسطينية، وتعطيل اتفاقيات إبراهيم، وبالتالي انفجار متعدد الأبعاد، وهذا ما يقلقهم فقط.
وقال عضو الكنيست إلياهو رابيفو الليكودي، في رسالة إلى “الإسرائيليين”.. لا المستوطنين من وجهة نظره، الذين قاموا بأعمال شغب في القرى الفلسطينية: أدين بشدة سلوككم الذي يذكرنا بالسلوك الحيواني.
ويروج الجيش الإسرائيلي إنه غير قادر على السيطرة على أعمال الشغب والاعتداءات التي يقوم بها المستوطنون في القرى الفلسطينية بسبب النقص في القوى البشرية، وبسبب النشاط العسكري المستمر لمواجهة موجة العمليات الفلسطينية في شمال الضفة.
واستفادت حماس من المشهد، بالذات بعد تفجير العبوات بجنين، وهجوم المستوطنين، بنشر فيديو على قناة الذئب التابعة لحماس، يتضمن إرشادات للمقاومة في الضفة حول كيفية تنفيذ عملية إطلاق نار داخل حافلة تقل عدد كبير من المستوطنين.
وقام الجيش الإسرائيلي بتعزيز فرقة الضفة الغربية بكتيبتين إضافيتين بدءاً من اليوم، بجانب التعزيزات السابقة، ليصبح إجمالي عدد الكتائب المنتشرة في الضفة الغربية 27 كتيبة.
وبالرصد المعلوماتي، فإنه تمت حوالي 400 عملية فلسطينية منذ بداية العام الحالي منها 300 عملية إطلاق نار بالإضافة لرشق مركبات المستوطنين بالحجارة، وهناك تأكيدات إسرائيلية لتصوري بإن الجيش الإسرائيلي يروج إلى إنه لا يسيطر على اعتداءات المستوطنين في الضفة الغربية، (بعد تسليم الصلاحيات لسموتريتش) في القضية كلها؟.
وبرر وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش هجمات المستوطنين على القرى الفلسطينية بالضفة بقوله: “يجب عدم معاقبة المستوطنين الذين يسعون لأمنهم بشكل جماعي، وعلى الجيش أن يركز على قتال لا هوادة فيه ضد الإرهاب وأن يتعامل بقوة مع المواجهات الفلسطينية ويجب على المستوطنين ترك العمل للجيش الإسرائيلي وألا يأخذوا القانون باليد”.
فيما كان الوزير الدموي إيتمار بن غفير مباشر تماما، متباهيا بجرائمهم، بقوله، في هذه الحكومة قتلنا 120 فلسطينياً في الأشهر الستة الماضية، وسيكون هناك المزيد في المستقبل، وهناك حاجة إلى المزيد، والجمهور يريد منا المزيد ونحن قادرون على المزيد.
ولم يعلق أحد على هذه التصريحات السادية، لا من إسرائيل ولا خارجها، وقال محللون إن المستوطنين الذين اعتدوا على القرى الفلسطينية بالضفة، وأحرقوا المنازل والسيارات، هم جزء بسيط من كل المستوطنين، وما فعلوه يمكن أن يجر المنطقة بأكملها إلى الحرب، والمؤسسة الأمنية قلقة من الرسائل الداعمة من المسؤولين السياسيين لأفعالهم، ويبحث الجيش عن الحاخام الذي سمح للمستوطنين بانتهاك حرمة السبت والذهاب لإحراق القرى الفلسطينية برام الله.
ناقش المجلس الأعلى للتخطيط والبناء في الضفة الغربية مخططات بناء لأكثر من 5700 وحدة استيطانية جديدة في الضفة، وفي النهاية تمت الموافقة على إنشاء 818 وحدة استيطانية في المرحلة النهائية، أما 4915 وحدة أخرى سيتم النظر فيها لاحقا.
وقال نتنياهو في الجلسة الكاملة بالكنيست: “ليس من المقبول بالنسبة لي أن يطلق العنان للمستوطنين حتى يغلي الدم، لن يدخلوا القرى ولن يحرقوا البيوت الفلسطينية، التعليمات واضحة للغاية”.
نتنياهو صارخا في وجه أعضاء المعارضة بالكنيست: “هل تريدون منا حقا أن نتحدث عن عدد القتلى من كل جانب؟.
لكن في المقابل، أفرجت محكمة إسرائيلية عن 3 مستوطنين شاركوا في حرق منازل الفلسطينيين وسياراتهم في قرية أم صفا برام الله، على الرغم من طلب الشرطة الإسرائيلية بتمديد اعتقالهم لمدة 5 أيام، وقاضي المحكمة قال: “لا يوجد عاقل يبرر استمرار اعتقالهم”.