fbpx
بناء الجمهورية الثانية

شيطنة الأخر

المعارضة تعني أنك صرت ذا إدراك كامل بعيوب النظام الحاكم، ونواقصه، ومواطن الخلل فيه مع وجود رؤية وإستراتيجية حقيقية لإصلاح تلك العيوب، والإشارة- دائما-إلى أوجه التقصير؛ حتى تستجيب الحكومة وتقوم بإصلاح دائم، ومستمر لصالح المواطن فى النهاية.

وفي أوقات الانتخابات يكون دور المعارضة هو المنافسة القوية على الوصول إلى الحكم (سواء أكان  برلمانيًا أو رئاسيًا) من خلال إقناع الرأي العام والكتلة الأكبر من الناخبين بأن رؤيتهم هى الأصح، والأصلح للتطبيق،وأنها قادرة على أداء أفضل من الحكم الحالي يشعر به المواطن. فإذا اقتنع الناخب، وظهر هذا الاقتناع فى تذكرة الانتخاب كان بها، ومن ثم تتغير الأدوار،ويتحول النظام الحاكم الى المعارضة، وتتحول المعارضة لنظام حاكم تتوجب معارضته، وإذا كانت النتيجة لصالح النظام الحاكم، يبقى الوضع كما هو عليه وتكون تلك بمثابة تجديد للثقة به.

أما المعارض فمن المفترض أنه فى الأساس سياسي وطني له قبول، ومصداقية لدى الجماهير يمكنه من إقناعهم برؤيته، والتسويق لها، وحشدهم خلفه. وفى النهاية يجب أن يكون كل من النظام، والمعارضة منطلقين من أرضية وطنية، ولديهم إيمان مطلق بخدمة المواطن، والوطن دون التطلع لتحقيق أي أهدف أخري،وحتى الصراع للوصول للحكم يجب ان يكون هدفه الأول، والأهم هو الخدمة العامة.

وما يطعن فى المعارضة، او النظام على حد سواء هو الانتماء لخارج حدود الوطن، أو الفساد بكل أشكاله أو سوء استخدام السلطة.

المعارض دوره ان يكون مزعجًا للسلطة، ومخالف لها ولا يري فيها إلا أوجه التقصير، والنواقص ليشكل بطريقةٍ، او بأخرى جهة رقابة، ومساءلة ليقدم النظام الحاكم أفضل أداء يستطيعه، ويتجنب الانحراف، أو التهاون.

أن يكون لك رأي مختلف ليس بالضرورة أنك تعمل ضد مصالح البلد، ان تكون على يسار النظام لا يعني أنك تستهدف تقويض أركان الوطن، وجزء من المؤامرة عليه، المعارضة ليست سوى تقديم رؤية مختلفة، واسلوب أداء فى الحكم يراه اصحابه هو الأصوب.

النظام الديمقراطي  ليس مجرد انتخابات حرة، وصناديق اقتراع وفقط، ولكنها تبدأ-دائمًا- بمجتمع يؤمن بحرية الاختلاف، والرأي الآخر، والقناعة التامة أن الرؤية المختلفة قد تكون لها وجاهتها؛ ولكنها ببساطة لا تناسبك، ولا تتفق مع مبادئك، وفٕكَرَك.  شيطنة الآخر، وتخوينه طوال الوقت وانعدام القدرة على النقاش الإيجابي تنتج مجتمعًا ديكتاتوريًا متحجر العقل،والفكر، كما يصعب عليه التقدم خطوةً واحدة نحو المستقبل.

ولعلنا في النهاية نستدعي كلمات المفكر جمال حمدان ” إن الوطنية الحقة هى المعارضة..فالإتفاق يعني نهاية النمو”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى