محمد حمودة يكتب: كيف تحولت الإذاعة منبع الرقي إلى مستنقع الحضيض!
طوال الفترة الماضية منذ عودتي إلى مصر لم أكن استمع إلى الراديو إلا لإذاعة القرآن الكريم.
و للأسف الشديد أو لحسن الحظ لا أدرى، استمعت بالصدفة و أنا أستقل تاكسي لإذاعة اسمها شعبي إف إم رقمها 95.. استمعت لأحدهم إسمه، كما قال لي السائق طارق عبد الرؤوف يقول( افتح الهويس للناقص و الخسيس.. افتح الهويس للندل و الرخيص) .. ما هذه السخافة و ما هذه السوقية!.
هل هذا ما نقدمه للناس من خلال الإذاعة.. هل هذه هي الإذاعة التي كنا نعرفها.. و هل هذه الأغاني التي كانت تُقدمها محطات الإذاعة!.
ربما يقول قائل إن محطات الإف إم.. محطات خاصة.. و لا تخضع لما كانت تخضع له المحطات الإذاعية الرسمية على أيامنا من ضوابط و مفاهيم و معايير.
و لكن هل معنى ذلك أن المحطات الخاصة لا ضابط لها و لا رابط.
و هل هذه المحطات معفاة من الرقابة؟.. وهل خصخصة الإعلام تعنى التسيب والانفلات.. و أياً كانت الإجابة.. السؤال الذى يحيرني.. ما هذا الذى تُقدمه للناس.. ما هذا المستوى المتدني فنياً و ذوقياً.. ما هذه الكلمات الركيكة التي تهبط بالذوق العام إلى الحضيض؟.
و لماذا نتساءل بعد ذلك ما سبب تدهور السلوكيات و الأخلاقيات في مجتمعنا ولماذا وصلنا إلى هذا الدرك من المستوى الفني إذا اعتبرنا بالطبع أن هذا يُسمى فناً؟.
و هل الفن الشعبي أصبح فن الشارع أو فن الذوق الهابط.. المنحط.. طوال عمرنا نسمع الفن الشعبي، و لكنه كان فناً راقياً مُحترماً لم نسمع فيه كلمة نابية أو مُسيئة.
أين الرقابة على المصنفات الفنية أين الرقابة المجتمعية أين الدولة من مثل هذه المحاولات التي تجر المجتمع إلى أسفل و بشدة!.. لماذا وصلنا إلى كل هذا الانفلات و التدني.
و معذرة لإزعاج مسؤولي الرقابة على المصنفات الفنية في مصر، التي كان لها دور فيما مضى في إجازة أو منع مثل هذه الكلمات التي تضر و تسئ و تزعج الأسماع و العقول.. و لكن يبدو أنهم لم يستمعوا لمثل هذه الإذاعات من قبل.
أن هذه الكلمات مرت دون العرض عليهم.. أو ربما لم يعج لهم دور أساسا.. وهذا غريب و مُريب.. أم أنهم أجازوا هذه الكلمات و هذا أيضا غريب و مُريب بل ومُثير للتساؤلات.. و يطرح العديد من علامات الاستفهام!.
و لأن الشئ بالشيء يُذكر.. أين الجهات المختصة.. و ما دورها.. و ما موقفها مما يحدث؟.. من الذي يعطي التصريح لمثل هذه المحطات.. و من الذي يراقب أداء هذه المحطات.. و هل مالك أي محطة من هذه المحطات من حقه أن يحولها إلى عزبة خاصة ينشر أفكاره ويبث سمومه بين الناس دون حسيب أو رقيب؟!.. هل الانفتاح فعلا يعني، كما قال أستاذنا أحمد بهاء الدين.. السداح مداح؟!