fbpx
مقالات

أمجد الفقي يكتب: من الذي يوزع صكوك الشهادة؟ و كيف أصبح الموت مثاراً للجدل؟

تحذير: اذا لم يكن لديك وقت لقراءة المقال لآخر كلمة فلا تبدأ فيه.. المقال يتطلب القراءة لآخر كلمة.. شكرا لك

سيقول السفهاء : مستراح منه !!

سيقولون: ألم نقل لكم إن هنيـة أداة رافضية؟!

وأعجل لهم الجواب:

اللهم إن هنـية ما لجأ إلى إيران إلا لجوء المضطر إلى الجيفة بعدما منعه العون ولو بالفتات أدعياء السنة والعقيدة الصحيحة ودولة التوحيد، وها هم يبذلون الأموال في الفسوق، ويهبونها للشذاذ والعواهر ولكل عدو للإسلام ملايين ملايين، وليس للجهااد منها دولار واحد..!

اللهم انك على هذا أوثق وأعدل الشاهدين!

هذه هي العمامة التي يجب أن يعتمرها المسلم حتى لا يخرج عن دينه و منهجه و عقيدت؛ فإن قولك عن مقتل اسماعيل هنية مستراح منه هي برقية تهنئة إلى بني صهيون والمجوس !!

و هذه هي العباءة التي يجب أن تختبئ فيها حذرا من الوقوع في فتنة هنية؛  فإذا كان مقتل مسلم يفرحك فلا تحدثني عن دين ولا عن منهج ولا عن عقيدة.. و هنا يكمن خلل العقيدة السليمة .

 ملحمة من تباين الآراء الدوارة و عباراتها المبرمجة على وسائل التواصل الاجتماعي و التي تباينت بشدة في واقعة تصفية اسماعيل هنية.. لن نسامح انفسنا أن تركناها تمر أمامنا “مرور الخلسة” و جاء دورنا لتسليط الضوء على شطرين من الآراء واضحين الدلالة.

و اختارنا فيها الآراء اللي رقاها معتنقيها لتكون ركناً من أركان العقيدة، فعرضنا أولا الجمل الدوارة المنسوبة إلى بنت اسماعيل هنية نفسه و لاحظنا أن التركيز كان استباقياً لإجهاض رأي السلفية في مشوار اسماعيل هنية في النضال الذين قالوا كلمتين فقط في وداعه ” مستراح منه “

و استشهدوا بما يلي

في الصَّحيحَينِ من حَديثِ أبي قَتادَةَ الأنصاريِّ رضِيَ اللهُ عنه، أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال عن موتِ أمثالِ هؤلاءِ: ((يَستريحُ منه العبادُ والبِلادُ والشَّجرُ والدَّوابُّ)

و لَمَّا جاء خَبرُ موتِ المِرِّيسيِّ الضالِّ وبِشرُ بنُ الحارثِ في السوقِ، قال: (لولا أنَّه كان موضِعَ شُهرةٍ لكانَ موضِعَ شُكرٍ وسُجودٍ، والحمدُ للهِ الذي أماتَه).[تاريخ بغداد: 7/66] [لسان الميزان: 2/308].

وقيل للإمامِ أحمدَ بنِ حَنبلٍ: الرَّجُلُ يَفرَحُ بما يَنزِلُ بأصحابِ ابنِ أبي دُؤاد؛ عليه في ذلك إثمٌ؟ قال: (ومَن لا يَفرَحُ بهذا)؟! [السنة للخلال: 5/121]

وقال سَلَمةُ بنُ شَبيبٍ: كنتُ عند عبد الرَّزَّاقِ- يعني الصَّنعانيَّ-، فجاءَنا موتُ عبد المجيدِ، فقال: (الحمدُ للهِ الذي أراحَ أُمَّةَ محمَّدٍ مِن عَبدِ المجيدِ). [سير أعلام النبلاء: 9/435]، وعبدُ المجيدِ هذا هو ابنُ عبد العَزيزِ بنِ أبي رَوَّاد، وكان رأسًا في الإرجاءِ.

واذا كنت في صفوف جماعة انصار بنت هنية ستجد أن الشهادة صك تم منحه لـ “المناضل“ غير قابل للانتزاع مستنداً إلى أنه قد اضطر إلى تسليم نفسه لولاية المرشد في ايران لأنه لم يجد السند و المدد من الدول السنية، وتلك نقطة في رأيهم ليس بعدها نقاش.

أما إذا كنت في صفوف السلفية فرأيهم أنه قد استعان في مشوار نضاله بالروافض و الشيعة أعداء السنة، و قتلة أحفاد رسول صل الله عليه وسلم و من يلعنون آل بيته الاطهار و صحابته الكرام، وهنا يتم تجريده تماماً من لقب شهيد و يتم الاستعاضة عنها بكلمتين ققط

 ” مستراح منه “

لكن أيضا هناك قطاع آخر يرى  فيما حدث عدل الله فيه فنجدهم قد ودعوه بدعاء اللهم عامله بعدلك لأنهم رأوا ان ما حدث هو قصاص الله لشهدائنا الأبطال الأبرار الصائمين.

نستنتج مما سبق ان حتى كلمات وداعه كانت مثار خلاف و أن البعض قد منحه النفاذ الآمن في الدنيا و الآخرة بدون قيد أو شرط و الآخر ضاق صدره حتى بالدعاء له مما يشير إلى أن موته قد أثار حالة جدلية لم تجول مثلها  في خاطر اي إنسان تجاه آلاف الشهداء من الأطفال الأبرياء و أسرهم و التي وصلت  إلى قتل عائلات بأكملها و إبادة الشعب الفلسطيني في غزة فوق الأرض المحتلة وقد  تركوا ليواجهوا مصيرا مؤلما انتهى باحتلال معظم القطاع و جاري استهداف ترحيل ما تبقى من أهلها لتصفية القضية  الفلسطينية تماماً .

حاولت تحييد هوى نفسي في العرض و جاء الدور لأستعرض لكم طريقة رده الجميل لمصر.

مصر البلد الوحيدة في العالم من وقت ذلك الوعد المشؤوم إلى يومنا الحالي التي لا يقدر أي شخص أو دولة ما أن يزايد على دورها في الدفاع القضية الفلسطينية دفاعا منقوشا بالدماء المصرية الطاهرة أغلى ما قدمته مصر للقضية و التي يصغر أمامها أي عطاء آخر.

وأنا هنا أتساءل عن أي ألم تتحدثون في موت هنية؟

 لذلك افسحوا لي المجال لأحدثكم عن التمرات التي لم تجاوز حلق أولادنا وأخوتنا إلى جوفهم، عندما اختلط صوت طلقات الرصاص مع اذان المغرب في شهر رمضان المبارك.

و اسمحوا لي أن اتساءل ما هو شكل العداء ان لم يكن في ذلك، وماذا تكون الخيانة ان لم تكن هذه هي، و كيف تكون الخسة بمعناها الخام الخالي من أي رتوش؟.

أولادنا قطعة من قلوبنا يحملون دمائنا في عروقهم ألا يستحقون الشهادة ايضا بلا لبس أو شك لأنهم يدافعون عن الأرض والعرض، عيون تحرس لا تمسها النار، و هم قد استشهدوا على أرضهم متمسكين بسلاحهم صوب العدو الأزلي للأمة كلها .

أين كان ذلك الذي تريدون منحه لقب شهيد؟!

لم يكن يدافع عن أرضه و لم يكن فيها و لم  يمسك السلاح، بل ترك أرضه وعرضه وعاش عيشته الهنية، وترك بني وطنه دروعاً بشرية له ولأمثاله .

إن جريمة طعن مصر من الظهر  التي ارتكبت في مكان و زمان مقدسين، والتي أعلنت تلك الجماعة مسؤوليتها عنها لن تغتفر.. فهم قد فعلوها و لم يجرؤ أن يفعلها الصهاينة أنفسهم، و لعلكم قد نسيتم العرض العسكري الذي ساقوه في اتجاه مصر تاركين القدس خلف ظهورهم، أو لعلكم نسيتم أيضا تصريحه عن امتلاكه لخمسة و عشرون ألف جندي و فدائي يمكنهم كسر الجيش و الشرطة المصرية في عدة ساعات .

الأ بئسا لأبناء وطن يتناسون و يظنون أن دينهم قد ينقص إذا ما سجلوا شهادة للحق ثم للوطن .

إن الجزاء من جنس العمل ، أما المآل فإلى الله حكمه يفصل فيه كيف يشاء، و نظل نحن كبشر نحكم بما بدى لنا من أفعال ظاهرة قد ثبتت،  كما شاهدنا بالامس عاقبة الأمور، لا ينتقص ذلك من إيمانناً بالدين شيئاً فنحن نعبد الله وحده بلا أولياء أو وكلاء و لا ينتقص أيضا ذلك من انتمائنا لوطننا و اخوتنا فيه بل العكس.

استقيموا مع أنفسكم و تذكروا

رحم الله  أمتنا الأبرار الذين جاهدوا في الله حق جهاده و بلغهم مراتب الشهداء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى