fbpx
تقاريرسلايدر

كيف تهدد أزمة الدين الأمريكي الاستقرار المالي العالمي؟

القنبلة الموقوتة التي تهدد النظام المالي العالمي.. “الدين الحكومي الأمريكي” زيادة تريليون دولار كل 100 يوم.
حذَّر صندوق النقد الدولي في إبريل الماضي من أن المستوى القياسي للدين الحكومي الأمريكي يتسبب في رفع معدلات الفائدة حول العالم ويهدد الاستقرار المالي العالمي.

وقال الصندوق إن زيادة الإنفاق الحكومي وتنامي الدين العام وارتفاع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة تؤدي لارتفاع عائدات سندات الخزانة الأمريكية، وتتسبب في رفع معدلات الفائدة في العديد من دول العالم.

وفي دراسة حديثة أجراها الصندوق أثبتت أن هناك ارتباط وثيق بين ارتفاع عائدات السندات الحكومية الأمريكية طويلة الأجل وصعود عائدات السندات الحكومية المماثلة في الاقتصادات المتقدمة والناشئة، الأمر الذي زاد أعباء خدمة الديون في تلك الاقتصادات، خاصة الناشئة منها.

قال مدير صندوق النقد الدولي للشؤون المالية، فيتور جاسبار إن «السياسة المالية التيسيرية في الولايات المتحدة تسبب ضغوطاً تصاعدية على معدلات الفائدة العالمية والدولار، وترفع تكلفة تمويل الدين الحكومي في بقية أنحاء العالم، كما تفاقم المخاطر المالية الحالية.

تداعيات أزمة الدين الأمريكي

لا شك أن أزمة سقف الدين الأمريكي، في حالة عدم تداركها، سيكون لها تداعيات نفسية ومادية سلبية.

التداعيات النفسية:

حالة عدم اليقين بالأسواق الأمريكية.
التشكيك في قدرة الاقتصاد العالمي على سرعة التعافي من الأزمات المالية.

بالطبع لن تتخلف الولايات المتحدة عن سداد ديونها، لكن وكالات التصنيف الائتماني قد تلجأ إلى تخفيض التصنيف الائتماني لواشنطن ومصارفها على خلفية الأزمة كما فعلت في عام 2011.

مزيداً من الارتفاع في تكلفة الديون (المرتفعة أصلاً بسبب التشديد النقدي)، وفي تكلفة التأمين على إصدارات الدين المختلفة.

كذلك تشير بعض التوقعات إلى توقّف 10% من الاقتصاد الأمريكي بسبب هذه الأزمة.

ومن المحتمل أن ينعكس عبء تكلفة الديون بشكل مضاعف على تكلفة الرهون العقارية والتمويل العقاري بشكل عام، مما ينقل الأزمة إلى داخل كل بيت أمريكي.

كذلك يتسبب تقديم سداد الديون الحكومية على سائر الالتزامات، في تأخير الرواتب ومستحقات المعاشات والتأمين الاجتماعي والصحي.. إلخ، وبما لذلك من تبعات اجتماعية واقتصادية وبالطبع سياسية.

ويُعد انخفاض ثقة المستهلك إحدى النتائج المتوقعة لاستمرار الأزمة، وهو بالتأكيد سبب إضافي لزيادة حالة الركود في الأسواق، ورافد إضافي لتباطؤ اقتصادي عالمي أطول أمداً.
ويؤدي مزيد من الارتفاع في أسعار الفائدة إلى تثبيط الاستثمار كنتيجة مباشرة لارتفاع تكلفة رأس المال.

وهذا التراجع المتوقع في حجم الاستثمار يُنذر بتراجع في معدلات نمو الناتج المحلي لمختلف الدول، وسيتبع ذلك آثار سلبية على التشغيل والاستقرار الاجتماعي خاصة في الدول النامية وذات الدخل المنخفض.

النقد الدولي ينتقد السياسيات الأمريكية

صندوق النقد الدولي وجه انتقادات للسياسات المالية للحكومة الأمريكية مثل:

زيادة الإنفاق العام، وارتفاع مستوى الإقراض يعززان نمو الاقتصاد الأمريكي، ويؤدي لارتفاع معدلات التضخم وتقويض قدرة البنك المركزي الأمريكي على احتواء الضغوط التضخمية.
كما أن زيادة أسعار الفائدة تزيد من احتمالات عجز الأسر والشركات عن سداد ديونها نتيجة ارتفاع تكاليف الإقراض، ما يؤدي بدوره لخسائر هائلة للبنوك والمؤسسات المالية ويهدد الاستقرار المالي بشكل عام.

مستوى قياسي

قفز الدين الحكومي الأمريكي لنحو 35 تريليون دولار مؤخراً بحسب بيانات وزارة الخزانة.

ولامست عائدات السندات الأمريكية مستوى قياسي جديداً يوم الثلاثاء بعد تلميحات رئيس مجلس الاحتياطي الاتحادي، جيروم بأول ببقاء أسعار الفائدة الأميركية عند معدلاتها المرتفعة الحالية لفترة أطول في ظل استمرار تسارع وتيرة التضخم بالولايات المتحدة.

وحذر الصندوق من أن استمرار ارتفاع معدلات التضخم سيقلص آمال المستثمرين بقرب خفض أسعار الفائدة الأمريكية ويؤدي لموجة بيع واسعة للأصول المالية حول العالم، بما في ذلك الأسهم والسندات الحكومية.

من جهة أخرى، سيؤدي تراجع أسعار السندات إلى ارتفاع عائداتها لتدخل الدول في حلقة مفرغة من إصدار أدوات الدين ثم الكفاح لسداد فوائد هذه الديون.

والدول الأقل دخلاً ستكون الأكثر تضرراً من ارتفاع أعباء الدين نظراً لمواردها المالية المحدودة.

ارتفاع الديون يهدد الاقتصاد الأمريكي

يرى خبراء الصندوق أن أزمة الدين الأمريكي أصبحت أخطر من أي وقت مضى، فالمستثمرون يطالبون بعائدات أكبر مقابل احتفاظهم بالسندات الحكومية في وقت يزداد فيه القلق بشأن ارتفاع التضخم، وغموض السياسة النقدية، والإفراط في إصدار أدوات الدين في أكبر اقتصادات العالم.

وحتى إذا قرر الاحتياطي الاتحادي خفض أسعار الفائدة في وقت لاحق هذا العام، فلن تتراجع تكلفة خدمة الدين بالمعدل نفسه، ما يزيد الضغوط على الحكومة ويقلص الموارد المالية المتاحة للإنفاق على الخدمات العامة أو لمواجهة الصدمات الاقتصادية المحتملة مثل الأوبئة والحروب.

في عام 2023، قاربت فوائد الدين الأمريكي مستوى التريليون دولار متجاوزة ميزانية الدفاع البالغة 822 مليار دولار، بعد أن وصل إجمالي قيمة الدين إلى 34 تريليون دولار خلال العام، وفقاً لبيانات مجلس الاحتياطي الفيدرالي.

وارتفعت فوائد الدين بأكثر من الضعف على مدار العقد الماضي خاصة بعد الزيادة الهائلة في مستوى الإنفاق الحكومي خلال أزمة كورونا.

أنفقت الولايات المتحدة في عام 2023 أكثر من 2 مليار دولار يومياً لتغطية تكلفة الديون، وفي الوقت الحالي ترتفع فوائد الدين الأمريكي بمعدل تريليون دولار كل 100 يوم تقريباً، أي ما يعادل 3.6 تريليون دولار سنوياً.

ووفقاً للجنة الميزانية الفيدرالية المسؤولة، فقد أنفقت الحكومة الفيدرالية على فوائد الدين خلال عام 2023 أكثر مما أنفقت على أي قطاع آخر بما في ذلك الإسكان والنقل والتعليم العالي.

وتتوقع مؤسسة الخدمات المالية بيتر بيترسون أن تصل فوائد الدين الأميركية لنحو 12.4 تريليون دولار خلال العقد المقبل، أي ما يعادل 37100 دولار لكل مواطن أمريكي.

توقعات صندوق النقد الدولي

توقع صندوق النقد الدولي استمرار ارتفاع الدين الحكومي الأمريكي، ما يرفع بدوره من نسبة الدين الحكومي حول العالم إلى 100 % من الناتج المحلي الإجمالي العالمي بحلول عام 2029 مقارنة بـ93 % العام الماضي.

وناشد الصندوق الحكومات على مستوى العالم ترشيد الإنفاق هذا العام الذي يشهد أكبر عدد من الانتخابات الحكومية في تاريخ العالم، محذراً من أن الحكومات تميل عادةً إلى زيادة الإنفاق العام وخفض الضرائب خلال الفترات الانتخابية، ما يقلص الموارد الحكومية ويزيد الأعباء المالية العامة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى