يوستينا نبيل تكتب: مرض العصر هو القلق
معظم الناس بقت بتعيش في ضغط مستمر طول الوقت، بيحسوا بضربات قلب سريعة، دايماً عندهم صداع، وكتير بيخرج الوضع عن السيطرة وينهاروا في العياط ويجيلهم ضيق تنفس.. ولو سألت أي دكتور شغال في الطواريء هيوصفلك كام حالة بتدخل يوميًا الطوارئ بالأعراض دي، وفي الآخر الموضوع ميكنش ليه أي علاقة بمرض جسدي بل هي أعراض نفسيّة بحتة تسمى panic attacks.
لو أنت مريت بتجربة مشابهة أو حواليك شخص بيعاني من الأعراض دي يبقى الكلام اللي جاي دا مهم جداً بالنسبالك.
القلق المزمن زاد ليه دلوقتي ؟!
الحقيقة إنه موجود منذ الأزل !! ليه ؟! عشان كلنا عندنا نوع من أنواع القلق بشكل مباشر مشهور أو بشكل متداري وقادرين لحد دلوقتي نسيطر عليه.
بدايةً من القلق على عدم تلبية الإحتياجات الأساسية وصولاً لقلق مرضيّ مرتبط بالخوف من حاجات معينة بعينها، وأحيانًا كمان ممكن تظهر فجأة من حاجة كنت بتتعامل على إنها عادية !!
السبب الرئيسي لزيادتها وإفتضاحها دلوقتي إيه ؟!
السوشيال ميديا والتكنولوچيا
“حتى دا فيه ناس عندها فوبيا منه مش بس بقى سبب للقلق ”
إزاي بقى ؟!.. ببساطه حياة ناس كتير بقت معروضة قدامنا معظم الوقت في منتهى المثالية المزيفة، عقلنا بشكل أوتوماتيكي بيفضل يقارن حياتك “الطبيعية” بشكل حياتهم “المزيف” وبقينا قلقانين وشايلين الهم طول الوقت إزاي نخلق شكل الحياة دي، رغم إن الحقيقة هي إن الحياة هي معاناة وهي رحلة صعبة سواء قبلت دا أو رفضته دي الحقيقة اللي لما بنقبلها بتقصّر علينا سكة طويلة.
والأهم في التعامل مع التكنولوچيا والسوشيال ميديا هو الإنفصال عن المحفزات الخارجية، كل حاجة بضغطة زرار، عقلك مركز تمامًا في ضغطة الزرار اللي يمكن كمان تاتش عشان توصل للي عايزه.. دا عمل إيه؟.. خلى جسمنا يتعود على الضغط والمشاعر الداخلية بدون ما جسمنا يتحرك، ودا بالظبط اللي أدى إن المحفزات الخارجية والمواقف اللي بنقابلها تبقى مصدر ضغط غير محتمل بنحاول الهروب منه على شاشات التليفونات بدون محاولة للمواجهة والسيطرة والمرونة وتعلم المهارات اللازمة للحياة، فالنتيجة إيه؟!.. إنك هتلاقي نفسك فجأة مضطر تتعامل مع موقف حقيقي عقلك بقى غير مؤهل للتعامل معاه، فيبدأ يبعت لجسمك إشارات الخطر، ودا اللي بيؤدي للأعراض الفسيولوچية للـ panic attacks.
الحل ايه للسيطرة على دا؟!
ناس كتير بقت بتلجأ للأدوية المضادة للقلق والإكتئاب، ودا طبعاً نتيجة طبيعية للإستسهال والبحث عن الحلول السريعه.. واللي بدورها بتقلل الأعراض لفترة لكن بترجع تاني أقوى وبيبقى فيه إعتماد كُليّ على الأدويه توصل لإدمانها
“أكيد الأدوية في بعض الحالات بتكون جزء من الحل لكن مستحيل تكون هي الحل”
الحل كله ودايمًا هو أفكارك.. زي ما أفكارك هي السبب هي دايمًا الحل.
الحل في العلاج السلوكي المعرفي “CBT”، “واللي ممكن بعد كده نتكلم عنه في مقال منفصل”.
الحل في الإسترخاء، مستحيل يجتمع القلق مع أفكار وجسد مسترخي.. وللحصول على حالة الإسترخاء محتاجين نعمل الخطوات اللي جاية دي بشكل منتظم:
١ – تمارين التنفس، وخصوصاً الخروج للطبيعة و أستنشاق الهواء من أهم الخطوات للإسترخاء.
٢ – النوم عدد ساعات كافي من ٧ لـ ٩ ساعات يوميًا، عقلك محتاج يمر بـ ٤ مراحل النوم العميق عشان يقدر ينتج أفكار منطقية تبقى حصنك وملجأك ضد أفكار القلق.
٣ – الأكل الصحي، مش مهم تكون عايز تفقد أو تزيد وزن عشان تهتم بنظام غذائي مهم، بالعكس، هو بدون النظام الغذائي الصحي جسمنا مع مرور السنين بيبدأ يفقد مرونته وحيويته وبالتالي واحنا عارفين إن جسمنا وعقلنا وحدة واحدة، قولاً واحداً عايز أفكارك تبقى متزنة يبقى محتاج نظام غذائي متزن.
٤ – زيادة المحفزات الخارجية “اللي مع الوقت عودت نفسك تهرب منها بالشاشات “، أخرج واتحرك من مكانك كل يوم، إشتبك مع الطبيعة “حيوانات – نباتات”، ألمس كل شيء حواليك وحس بيه بجد متبقاش مجرد أشياء بتستخدمها بدون وعي.
٥ – المرونة، أقبل أفكارك، أقبل قلقك، أقبل إن دا بيحصلك، أقبل حتى إن أوقات مش هتقدر تعمل اللي قولنا عليه وهتبقى عايز تستسلم.
أفتكر إن الحركة والمواجهة إختيارك والإستسلام كمان إختيارك، وإن إختياراتنا هي اللي بتشكل حياتنا في النهاية.. المهم أنت شايف نفسك إزاي ومين؟!.. وإن دا بتحققه بإختياراتك.
إما شخص بيسيطر عليه القلق وإما شخص مسيطر على القلق وعنده مرونة كافية يقدر يتغلب بيها على مخاوفه..
دمتم في وعي ..