كتب: محمود هجرس
تدقيق: أحمد علي
يعاني العالم من مشكلات ندرة المياه بشكل يومي، من تلوث مياه الشرب إلى الجفاف والفيضانات، فيما حذّر تقرير للأمم المتحدة مؤخرًا من أن خطر حدوث أزمة عالمية “وشيكة”.
فيما يأتي، بعض النقاط الرئيسية لمنتدى الأمم المتحدة للمياه في نيويورك كأول مؤتمر رئيسي حول هذه القضية منذ حوالى نصف قرن:
زاد الاستهلاك العالمي للمياه بنسبة 1% سنويًا خلال العقود الأربعة الماضية، ومن أجل تلبية هذا الطلب المتنامي، كان البشر يستغلون المياه الجوفية بشكل متزايد، ما أدى إلى استنفاد ما بين 100-200 كيلومتر مكعب (26-52 تريليون غالون) من الاحتياطات كل عام.
يعيش حوالي 10% من سكان العالم في بلد يعدّ فيه الإجهاد المائي (نسبة استخدام المياه إلى توافرها) “مرتفعًا أو حرجًا”، ما يسبب تأثيرات كبيرة على توافر المياه للحاجات الشخصية.
أظهر تقرير صدر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ أن “نصف سكان العالم تقريبًا يعانون حاليًا ندرة حادة في المياه على الأقل لجزء من العام”.
ويقدّر البنك الدولي أن نقص المياه الذي تفاقم بسبب تغير المناخ قد يكلف بعض المناطق ما يصل إلى 6% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول العام 2050 بسبب تأثيره على الزراعة والصحة والدخل والهجرة القسرية المحتملة أو حتى الصراع.
وفي هذا السياق اتخذت مصر خطوات جادة للحد من الشح المائي والمحافظة على مواردها من المياه، حيث عملت الحكومات المصرية المتعاقبة على إعداد استراتيجيات وسياسات مائية وخطط قومية، بما يُسهم في تحقيق الاستفادة القصوى مما تتحصل عليه مصر من مياه النيل، ففي مستهل عام 1998 تم وضع أول إستراتيجية متكاملة للسياسة المائية لمصر، تعتمد في تنفيذها على نظرية ”الإدارة المتكاملة للموارد المائية”، ويشترك في تنفيذها وزارات وجهات متعددة، وقد بلغت تكلفة المشروعات الإستراتيجية بمحاورها المختلفة 145 مليار جنيه، واصلت مصر تنفيذها حتى عام 2017.
وتنقسم هذه الإستراتيجية إلى ثلاثة محاور أساسية :
1ـ تعظيم الاستفادة من كل قطرة مياه.
2ـ القضاء على التلوث ومواجهة مشكلته.
3ـ التعاون مع دول حوض نهر النيل للحفاظ عليه وتنميته.
في نهاية عام 2020 أطلقت مصر إستراتيجية لإدارة الموارد المائية حتى عام 2050، ضمن محاور الخطة القومية للموارد المائية (2037/2017) بتكلفة 50 مليار دولار، أطلق عليها “4 ت”، بمشاركة عدد من الوزارات.
أهم المشروعات التي تنفذها وزارة الري:
– المشروع القومي لتأهيل الترع.
– مشروع التحول من نُظم الري بالغمر إلى نُظم الري الحديث.
– برامج التكيف مع التغيرات المناخية، والحماية من ارتفاع منسوب سطح البحر.
– ومشروعات حصاد الأمطار.
وفيما يلي بعض الموارد المائية الحالية والمستهدفة من أبرز القضايا القومية التي تهتم بها مصر في الوقت الحالي تعظيم الاستفادة من مصادر مواردنا المائية، وتنحصر الموارد المائية التقليدية في مصر في نهر النيل والمياه الجوفية والأمطار والسيول وموارد غير تقليدية تتمثل في مياه الصرف الصحي المعالج والصرف الزراعي.
1- نهر النيل:
المصدر الرئيسي للمياه في مصر، وتبلغ حصة مصر 55.5 مليار متر مكعب تمثل 79.3% من الموارد المائية وتغطى 95% من الاحتياجات المائية الراهنة.
2- المياه الجوفية:
تقدر كمية المياه الجوفية المستخدمة في مصر بحوالي 6.1 مليار متر مكعب/سنة، في الوادي والدلتا ويمكن زيادة هذه الكمية مستقبلاً لتصل إلى 7.5 مليار متر مكعب/سنة، دون تعريض المخزون الجوفي للخطر.
3- الأمطار:
لا تعد الأمطار مصدرًا رئيسيًا للمياه في مصر لقلة الكميات التي تسقط شتاءً حيث يسقط على مصر نحو 1.3 مليار متر مكعب من مياه الأمطار كل عام.
4- مياه الصرف الزراعي:
مياه الصرف الزراعي من المصادر المائية التي لا يستهان بها، حيث يبلغ المتوسط السنوي لمياه الصرف الزراعي نحو 12 مليار متر مكعب/سنة يعاد استخدام حوالي 5.7 مليار متر مكعب حاليًا، وقد بذلت جهود ساعدت في الوصول بها إلى 9 مليارات متر مكعب عام 2017 يستفاد بها في مشروعات التوسع الزراعي.
5- مياه الصرف الصحي المعالجة:
يمكن استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة لأغراض الري، بشرط أن تفي بالشروط الصحية المتعارف عليها عالميًا، حيث تبلـغ كميتهـا نحو 2.5 مليار متر مكعب سنـويًا يعـاد استخدام حوالي 1.3 مليار متر مكعب منها بعد معالجتها في مشروعات استزراع الأراضي الصحراوية.
كشف صندوق مصر السيادي عن خطته لجذب استثمارات بنحو 3 مليارات دولار، لتنفيذ مشروعات تحلية مياه البحر بواقع 21 محطة بقدرة 3.3 مليون متر مكعب يوميًا بتكلفة 3 مليارات دولار.
وتخطط وزارة الإسكان المصرية لطرح 5 مشروعات لتحلية مياه البحر على ساحلي البحرين الأحمر والمتوسط خلال الفترة المقبلة، بطاقات تصل إلى نحو 10.5 مليون متر مكعب شهريًا (ما يعادل 350 ألف متر يوميًا).
ومتوقع تنفيذ المشروعات المرتقب طرحها بنظام الشراكة بين القطاعين العام والخاص (ppp)، والذي يتمثل في قيام المستثمر بإدارة المشروع، فيما يتم التمويل مناصفة بين الطرفين، على أن تعود ملكيته للدولة بعد انتهاء فترة إدارة القطاع الخاص له.
أهم الإنجازات في مجال تحلية المياه من 2014-2021:
1-نفذت الدولة محطات تحلية في منطقة مطروح والضبعة تعمل على تحلية 100 ألف متر مكعب يوميًا.
2- محطات في جنوب سيناء الواحدة تنقي 20 ألف متر مكعب يوميًا.
3- جارى تنفيذ 14 محطة لتحلية مياه البحر، بطاقة إجمالية 476 ألف م3/يوم، بتكلفة 9.71 مليار جنيه، بمحافظات (مطروح – البحر الأحمر – شمال سيناء – جنوب سيناء – بورسعيد – الدقهلية – السويس – الإسكندرية).
5- 76 محطة قائمة لتحلية مياه البحر، بطاقة إجمالية 831.69 ألف م3/يوم، بمحافظات (شمال سيناء – جنوب سيناء – البحر الأحمر – مطروح – الإسماعيلية – السويس)، ليصبح إجمالى محطات التحلية 90 محطة بطاقة إجمالية 1.307.69 مليون م3/يوم.
6- محطات التحلية القائمة بالمحافظات الحدودية ( مطروح والبحر الأحمر وشمال سيناء وجنوب سيناء والإسماعيلية والسويس).
خطة الدولة لزيادة محطات التحلية في مصر:
1 – محافظة مطروح 13 محطة بطاقة 238.5 آلاف متر مكعب يوميًا.
2- محافظة البحر الأحمر تتضمن 18 محطة بطاقة 256.6 ألف متر مكعب يوميًا.
3- محافظة شمال سيناء 21 محطة بطاقة 20.76 ألف متر مكعب يوميًا
4- محافظة جنوب سيناء التي تتضمن 9 محطات تحلية بطاقة 75 ألف متر مكعب يوميًا.
5 – محافظة الإسماعيلية عدد 1 محطة بطاقة 2.4 ألف متر مكعب يوميًا، ومثلها محافظة السويس تتضمن عدد 1 محطة بطاقة إنتاجية 206 ألف يوميًا.
6- محافظة مطروح كانت 16.5 ألف متر مكعب يوميًا، وبعد عام 2014 أصبحت الطاقة التصميمية والإنتاجية للمحطات 238.5 ألف متر مكعب يوميًا، أي تم إضافة نحو 222 ألف متر مكعب.
7- محافظة البحر الأحمر، كانت الطاقة التصميمية لمحطات التحلية قبل عام 2014 لا تتخطى 14.6 ألف متر مكعب يوميًا، وتم إضافة 242 ألف متر مكعب يوميًا بعد عام 2014 ليصبح الإجمالي 256 ألف مكتر مكعب يوميًا.
8- جارى تنفيذ 6 محطات تحلية بمحافظة مرسى مطروح بطاقة إنتاجية 64 ألف متر مكعب يوميًا، وفى محافظة البحر الأحمر جارى تنفيذ 1 محطة بطاقة إجمالية 3 آلاف متر مكعب يوميًا، وفى محافظة شمال سيناء، جارى تنفيذ عدد 4 محطات تحلية بطاقة إنتاجية تصل لـ30 ألف متر مكعب يوميًا.
9 -كان الناتج من محطات التحلية في محافظة السويس صفر، ووصل الإجمالي بعد عام 2014 إلى 206 ألف متر مكعب يوميًا، الطاقة الإجمالية لمحطات التحلية قبل عام 2014 كان لا يتخطى 81 ألف متر مكعب يوميًا، ووصل بعد عام 2014 إلى 718 ألف متر مكعب يوميًا.
بعض المحطات التي دخلت الخدمة وعدد السكان التي تخدمهم:
– تم تسليم محطة تحلية الرميلة (3) بمطروح 2020، وحصولها على المأمونية يونيه 2021، بطاقة 12ألف م3/ يوم.
– محطة تحلية أبو رماد، بمحافظة البحر الأحمر، بطاقة 1500 م3/يوم.
– تم تشغيل محطة تحلية العريش (1) و(2)، بطاقة 10 آلاف م3/ يوم بمنطقة المساعيد بمحافظة شمال سيناء.
– محطة تحلية الشلاتين، بطاقة 3 آلاف م3/ يوم، ومحطة تحلية حلايب، بطاقة 1500 م3/يوم بمحافظة البحر الأحمر.
– محافظة جنوب سيناء تم تنفيذ محطة تحلية نبق نوفمبر 2019، بطاقة 6 آلاف م3/يوم، بمدينة شرم الشيخ.
– وأيضاً تنفيذ 4 محطات تحلية برأس سدر، بطاقة 10 آلاف م3/يوم، ومحطة تحلية أبوزنيمة، بطاقة 20 ألف م3/يوم، ومحطة تحلية دهب، بطاقة 15 ألف م3/يوم، ومحطة تحلية نويبع، بطاقة 15 ألف م3/يوم.
– محافظة شمال سيناء محطة تحلية العريش (3)، بطاقة 10 آلاف م3/ يوم بمنطقة الريسة، ومحطة تحلية الشيخ زويد (2)، بطاقة 5 آلاف م3/ يوم الشيخ زويد، ومحطة تحلية العريش (4)، بطاقة 5 آلاف م3/ يوم بمنطقة الريسة.
– محافظة مطروح، تم تنفيذ محطة تحلية توسعات سيدى برانى، بطاقة 2000 م3/ يوم، ومحطة تحلية الضبعة، بطاقة 40/80 ألف م3/ يوم بالضبعة الجديدة والقديمة كمرحلة أولى، ومحطة تحلية العلمين، بطاقة 150 ألف م3/يوم بمدينة العلمين الجديدة والقديمة.
– محافظة بورسعيد تنفيذ محطة تحلية غرب بورسعيد، بطاقة 20/40 ألف م3/ يوم بمنطقة غرب بورسعيد، ومحطة تحلية شرق بورسعيد، بطاقة 150/250 ألف م3/ يوم، بمنطقة شرق بورسعيد والمنطقة الإقتصادية لتنمية قناة السويس.
كما توجد نماذج عملاقة لتحلية المياه ومعالجتها منها :
1- محطة معالجة الصرف الصحي بالجبل الأصفر في الخانكة بمحافظة القليوبية، أكبر محطة معالجة بالشرق الأوسط، تقام على مساحة 1500 فدان، والتي تخدم “12 مليون نسمة”، بما يعادل 2.5 مليون متر مكعب من مياه الصرف الصحي يوميًا، ولم يقف المشروع عند هذا الحد بل هناك خطة للتطوير لتصبح هذه المحطة الأولى بالعالم بعد أن يصل إجمالي المعالجة اليومية لها 3.5 مليون متر مكعب يوميًا في عام 2026.
2- محطة العين السخنة لتحلية المياه، أكبر محطة تحلية مياه في العالم، ستعمل على تنقية 136 ألف متر مكعب يوميًا، لصالح المنطقة الاستثمارية والمنطقة الصناعية، بشمال غرب خليج السويس، وتقوم المحطة على مأخذ بحرى مكون من خطين، بقطر 1700 مم، وبطول 350 مترًا، يعمل على سحب مياه البحر المالحة، في حين يقوم الخط الثاني بطرد المياه المرتجعة من المحطة إلى البحر مرة أخرى بعمق 21 مترًا وتم تنفيذها نوفمبر 2019.
3- محطة العلمين الجديدة، لتلبي الطلب المتزايد على المياه العزبة في المدن الواقعة على ساحل البحر الأبيض المتوسط في مصر، حيث تحلي ما يقرب من 150 ألف متر مكعب من المياه يوميًا، ما يكفي لأكثر من مليون نسمة، وتم تنفيذ المشروع بالتعاون مع شركة إدارة المياه الإسبانية «أكوليا» ووزارة الدفاع المصرية.
4- محطة شرق بورسعيد ( سبتمبر ٢٠١٨ – مارس ٢٠٢٠- يونيه ٢٠٢١) تعتبر من أكبر المحطات في الشرق الأوسط، وستخدم المنطقة المليونية، وتبلغ الطاقة الإنتاجية للمحطة 150 ألف م3 لتلبية احتياجات المدينة بطاقة 100 ألف م3/يوم، لخدمة المنطقة الصناعية بميناء شرق بورسعيد، بطاقة 50 ألف م3/يوم، ويمكن زيادة الطاقة الإنتاجية للمحطة إلى 250 ألف م3/يوم لخدمة المدينة، والمنطقة الصناعية، والميناء.
5- المشروع القومي بالغردقة “محطة تحلية اليسر” ،( فبراير ٢٠١٤ – يونيو ٢٠١٧)، وهى أكبر المشروعات القومية بمدينة الغردقة، بمحافظة البحر الأحمر، على مساحة 75 ألف متر، بطاقة إنتاجية 80 ألف م3 من المياه يوميًا، ونحو 2.5 مليون متر مكعب في عام 2037.
6 – محطة معالجة مياه مصرف بحر البقر، أكبر محطة لمعالجة المياه في العالم، تمثل هذه المحطة أهمية كبيرة في تحقيق الاستخدام والتوظيف الأمثل للمياه خاصة مياه الصرف الزراعي والصرف الصحي، ومعالجتها وفقًا للقواعد العلمية والتكنولوجية المتقدمة لإعادة استخدامها في زراعة أكثر من 400 ألف فدان بسيناء، في إطار المشروع القومي لتنمية سيناء، كذلك استخدامها في استصلاح الأراضي الزراعية في الصحراء ضمن مشروع المليون ونصف المليون فدان.
يذكر أن وزارتي الإسكان والري وضعتا إستراتيجية متكاملة لتنفيذ مشروعات مياه ضخمة وطموحة، هي الأكبر في الشرق الأوسط للعمل على تكامل إستراتيجية تحلية مياه البحر ضمن رؤية مصر2030، وتتضمن الوصول إلى طاقات مياه محلاة من البحر بما يصل إلى 10 ملايين متر مكعب يوميًا.
كما توجهت الدولة إلى استخدام أساليب الري الحديث للاستفادة القصوى من المياه المستخدمة، وتتنوع أساليب الري الحديث من ري سطحي وري أسفل التربة وبالتنقيط، وتصل نسبة الأراضي التي تروى بالري الحديث في مصر لنحو مليون فدان، تمثل 10% من إجمالي المساحة المروية، ويتم توفير المياه بنسبة تصل إلى 40٪ من مياه الري المستهلكة في ري المحاصيل الزراعية.
كما أن أنظمة الري الحديث، تتضمن العديد من النظم ولكن أكثرها شيوعًا الري بالتنقيط، والتي تسعى الدولة لتعميمه الآن في الأراضي القديمة.
تجربة التحول إلى الري الحديث أثبتت نجاحها في جميع الأراضي التي تم تنفيذ الري الحديث فيها أنها بالفعل ترشد استهلاك المياه.
وجاء أيضًا المشروع القومي لتبطين الترع للحفاظ والاستفادة القصوى من مياه الري، ومن المتوقع أن يسهم في توفير ما يقرب من 5 مليارات متر مكعب من المياه كانت تهدر بطول مجاري الشبكة المائية في كافة أنحاء الجمهورية.