محمد نجم يكتب: بالأرقام.. هذا مصير التعويم المزعوم
حسنا فعل الرئيس السيسي بقوله: لا تعويم للجنيه بعد الآن.. حيث يتعلق الموضوع بالأمن القومي المصري.
لقد حول البعض “النقد” الأجنبي وخاصة الدولار من أداة دفع وتبادل نقدى وتجارى إلى “سلعة” تباع وتشترى وينطبق عليها قانون العرض والطلب، ولكن في سوق عشوائي وغير منضبط.
للأسف الشديد وخلال الشهور الماضية تركنا السوق وتعاملاته اليومية يسير خلف “المضاربين” في تجارة العملة وتجارة الذهب، وكانت النتيجة ارتفاع سريع ومُبالغ فيه للأسعار، وبالطبع كان من مصلحة المضاربين فيهما ترديد الشائعات ونشر أخبار مغلوطة “بعدم الاستقرار” واحتمالات التعويم للمرة الرابعة.
وللأسف أيضا ردد بعض الصحفيين وأصحاب المواقع والصفحات على الإنترنت هذه الشائعات والاحتمالات بحسن نية أو بغير.
بل أن صندوق النقد الدولي أصدر بعض التقارير التي استخدمها آخرون لخدمة اتجاهاتهم، وكان ملخصها: أن الواردات المصرية ستصل في عام 2025 إلى أكثر من 100 مليار دولار، في حين ستنخفض الصادرات المصرية إلى 50 مليار.
وفى عام 2028 ستصل الواردات المصرية إلى 112 مليار وسوف ترتفع الصادرات إلى 54 مليار دولار فقط.
وأعتقد أن الصندوق وخبراؤه يعلمون تماما حجم التدفقات الخارجية لمصر من النقد الأجنبي والتي تزيد عن احتياجاتها الضرورية، ولكن الأمر لا يخلو من الضغوط والتلاعب بالأرقام.
فالمعروف والمؤكد أن تحويلات المصريين في الخارج بنهاية العام الماضي بلغت 32 مليار دولار، والصادرات 53 مليار والسياحة 12 مليار وقناة السويس 7 مليار، والاستثمار الأجنبي حوالى 11 مليار، هذا بخلاف القروض والإعانات، وحصيلة السندات والصكوك الدولية، مع وجود احتياطي يزيد عن 34 مليار دولار ويتزايد شهريا.
والمعنى أن إجمالي حصيلة مصر من النقد الأجنبي (الدولار) تتراوح ما بين 120 إلى 126 مليار دولار سنويا، مع ملاحظة زيادة تدفقات السياحة الخارجية إلى مصر مؤخرًا، والتي غطت نسبيا بعض التراجع الذى حدث في تحويلات المصريين في الخارج في الشهور القليلة الماضية.
هذا بينما تبلغ فاتورة الواردات المصرية حوالى 94 مليار دولار، أضف إليهم فوائد وأقساط ديون 8.5 مليار دولار، وبعض عمليات الاسترداد للسندات السابق إصدارها بحوالي 4 مليار، ومن ثم يصل إجمالي هذه المبالغ حوالى 106 مليار.
إذًا هناك أكثر من 15 مليار دولار زيادة عن الاحتياجات الضرورية المصرية، لا تدخل السوق المصري من خلال القنوات الرسمية، ولكن من خلال التهريب وتجميع العملة فى الخارج وصرفها لأصحابها في الداخل بالعملة المحلية.
وهذه المبالغ تستخدم المضاربات وتمويل أنشطة غير مشروعة أو على الأقل استيراد سلع غير ضرورية فى الوقت الحالى!
ثم.. ألا يتابع خبراء الصندوق أن لدينا استراتيجية – قطعنا فيها شوطا كبيرا – لزيادة الصادرات المصرية إلى 100 مليار دولار بنهاية عام 2025؟!
من خلال خطتين متوازيتين، أولهما زيادة المنتجات المصنعة (وخاصة الزراعية) وتعميق بعض الصناعات الحالية بما يرفع القيمة المضافة لها..، والثانية بإنتاج سلع يتم استيرادها وهو ما يسمى بالإحلال محل الواردات.
والمعنى.. إننا نحاول ترشيد الواردات وزيادة الصادرات، ونحن جادين في ذلك.
فلماذا التلاعب بالتقارير والأرقام من جهات كنا نعتبرها محايدة وموضوعية، ولكن يبدو أن “العطب” أصاب الجميع، ولنا في مجلس الأمن وقضية فلسطين أسوة سيئة!
حفظ الله مصر.. ورد كيد المتآمرين!