نكشف لك كل أبعادها: زيارة الرئيس الإيراني لدمشق في أجواء فارقة
كتب: كمال السيد
لأول مرة منذ الحرب الأهلية السورية، وصل الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي منذ قليل إلى دمشق، ومن غير المستبعد أن هذه الزيارة تتم بتنسيق روسي إسرائيلى، خاصة أنها تستمر ليومين، فلا يمكن أن تترك إيران رئيسها تحت التهديد الإسرائيلي دونما حماية.
وتواصلت التخصيرات إلى الزيارة في محيط السفارة الإيرانية بمنطقة المزّة في وسط دمشق، حتى قبل وصول رئيسي بقليل، وفق ما أفاد صحفي في وكالة فرانس برس، إذ أزيلت حواجز حديدية وأسمنتية ضخمة كانت أقيمت حول السفارة منذ سنوات النزاع الأولى، ويرافق رئيسي “وفدا وزاريا سياسيا واقتصاديا رفيعا”.
وأوردت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أن رئيسي يلتقي نظيره السوري بشار الأسد “ويُجري معه مباحثات تتناول العلاقات الثنائية وملفات سياسية واقتصادية مشتركة إضافة إلى التطورات الإيجابية في المنطقة”.
وقال المتحدث باسم الحكومة علي بهادري جهرمي أن الزيارة تأتي تلبية لدعوة من الأسد، وترتدي “أهمية استراتيجية” للبلدين وهدفها “اقتصادي” فقط.
وتأتي زيارة رئيسي في خضمّ تقارب بين الرياض وطهران اللتين أعلنتا في مارس استئناف علاقاتهما بعد طول قطيعة على خلفية النزاع السوري، بينما يسجّل انفتاح عربي، سعودي خصوصاً، تجاه دمشق التي قاطعتها دول عربية عدة منذ العام 2011.
والزيارة هي الأولى لرئيس إيراني منذ أكثر من 12 عاماً برغم الدعم الكبير، الاقتصادي والسياسي والعسكري الذي قدمته طهران لدمشق والذي ساعد في تغيير مجرى النزاع لصالح القوات الحكومية.
ويجول رئيسي، وفق صحيفة “الوطن” المقربة من الحكومة السورية، على مناطق عدة في دمشق، وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني: “سوريا دخلت مرحلة اعادة الإعمار، وإيران جاهزة لتكون مع الحكومة السورية في هذه المرحلة أيضاً”، كما كانت إلى جانبها “في القتال ضد الإرهاب” الذي اعتبره “مثالاً ناجحاً على التعاون بين الدولتين”.
وتصنّف دمشق كل المجموعات المعارضة ضدها، بالإضافة الى تنظيم الدولة الإسلامية، مجموعات “إرهابية”. وأرسلت طهران مستشارين عسكريين لمساندة الجيش السوري في معاركه، بينما تقاتل مجموعات من جنسيات أخرى موالية لإيران على رأسها حزب الله اللبناني إلى جانب القوات الحكومية.
وتُستهدف المجموعات الموالية لطهران غالباً بضربات إسرائيلية منذ سنوات، فيما تكرّر إسرائيل، عدو طهران اللدود، أنها لن تسمح بتجذّر إيران على مقربة منها.
من السياسة الى الاقتصاد
وأوردت صحيفة “الوطن” أن الزيارة ستتضمن “توقيع عدد كبير من اتفاقيات ومذكرات التفاهم التي تشمل مختلف أوجه التعاون، لا سيما في مجالات الطاقة والكهرباء”، كما ستجري على هامشها “مفاوضات حول خط ائتماني إيراني جديد لسوريا، يتم استثماره في قطاع الكهرباء” المتداعي، إذ تتجاوز ساعات التقنين الكهربائي في سوريا عشرين ساعة يومياً.
ومنذ العام الأول للنزاع، فتحت طهران خطاً ائتمانياً لتأمين احتياجات سوريا من النفط خصوصاً.
ووقّع البلدان اتفاقات ثنائية في مجالات عدة خلال السنوات الماضية، تضمّن أحدها مطلع عام 2019 تدشين “مرفأين هامين في شمال طرطوس وفي جزء من مرفأ اللاذقية”.
وخلال استقباله الأسبوع الماضي وفداً اقتصادياً ترأسه وزير الطرق والمدن الإيراني في دمشق، اعتبر الأسد أن “ترجمة العمق في العلاقة السياسية بين سوريا وإيران إلى حالة مماثلة في العلاقة الاقتصادية هي مسألة ضرورية ويجب أن تستمر حكومتا البلدين في العمل عليها لتقويتها وزيادة نموها”.
وزار الأسد طهران مرتين بشكل معلن خلال السنوات الماضية، الأولى في فبراير 2019 والثانية في مايو 2022، والتقى خلالها رئيسي والمرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية علي خامنئي.
ويقول المحلّل السياسي السوري أسامة دنورة لفرانس برس “طرح الجانب الإيراني نفسه بقوة كمساهم في مرحلة إعادة الاعمار”، مرجحاً أن “تحقّق الزيارة نتائج اقتصادية مهمة، وقد يتمّ التركيز على استراتيجيات اقتصادية بعيدة المدى”.
هدوء سياسي
وبالإضافة إلى الإتفاق السعودي الإيراني، تأتي الزيارة على وقع وساطة روسية لإصلاح العلاقات بين دمشق وأنقرة التي دعمت بدورها المعارضة السورية خلال سنوات النزاع، وبعد أيام من اجتماع استضافته موسكو بحضور إيران وجمع مسؤولين سوريين وأتراكاً.
ويرى دنورة أن الزيارة “أصبحت أكثر ملائمة بعد المصالحة السعودية الإيرانية” التي اعتبر أنها “تنعكس على كل بؤر التوتر التي لا تزال موجودة” في المنطقة، مرجحا أن يتم التطرق خلالها أيضاً الى ملف المصالحة السورية – التركية “والدفع به قدماً”.