هاني مباشر يكتب: إلى أجيال شرائط الكاسيت.. نوستالجيا عن منير وأخواته
في صيف عام 1979..
صدر ألبوم غنائي بعنوان «أرقص» لمطربة شابة اسمها «مها»
كان الاسم غريب وصادم في زمنه..
لكن الأغرب هو «توليفة» الألبوم – كلها على بعضها..
فهو من إنتاج «صوت الحب» الشركة الصاعدة في سوق الكاسيت والإنتاج الموسيقي، ويضم ٧ أغاني تحمل كلمات وأشعار عمر بطيشه وألحان وتوزيع هاني شنودة وعزت أبو عوف ومحمد الشيخ ومعهم يحيى خليل على الدرامز ذلك الصاعد بسرعة الصاروخ في عالم الموسيقى «معرب» موسيقى الروك والريجى والبوب، وأحد «الساحرين» الذين قلبوا الموازين في الموسيقى والغناء، بل وقلبوا موازين جيل كامل..
أما التسجيل والميكساج فتم على يد «الساحر الثاني» المهندس طارق الكاشف المسؤول عن هندسة ألبومات أصبحت «ايقونات» زمانها..
«مها» كان صوتها أكثر من رائع..
و«الألبوم» وجد تجاوب غير مسبوق من الشباب
لكن الأمر لم يتجاوز «سحابة صيف»
إختفت «مها» فجأة بمثل لمعانها فجأة!
قبلها بسنة
في صيف عام 1979…
كان مشاهدي التلفزيون المصري يتأهبون لمشاهدة أحد برامج السهرة على القناة الأولى..
قبل أن يصدموا بأن مقدم البرنامج هو
( المذيع عبدالرحمن على )..
ذلك الوسيم، صاحب النظرات الحائرة، والملامح الهادئة التي تدخل القلب، بمجرد إطلالته على الشاشة وبنبرة صوته المميزة..
ومصدر صدمتهم أن ذلك المذيع الأقرب لقلوبهم المشاهدين خلال سبعينيات وبداية ثمانينيات القرن العشرين، والذين اعتادوا منه على تقديم البرامج الديني «هدى الله»، والذى استضاف فيه عدد كبير من العلماء والشيوخ، وقام بتقديمه بشكل سلسل وبطريقة هادئة..
يقدم لهم برنامج غنائي!
بل ويقدم أغنية «شبابية»
كانت غريبة في تصويرها وكلماتها وألحانها..
لمطرب شاب إسمه «محمد الحلو»..
وقدمه كالآتي:
«محمد الحلو، بيقول عنه بليغ حمدي إنه صوت عميق.. قوي.. معبر، وإن له شخصية ستفرض وجودها على عالم الغناء العربي.. يلا نسمع الأمل، بصوت محمد الحلو»..
و استمع الجميع للأغنية..
الموسيقى جميلة ككل إبداعات بليغ والكلمات للشاعر عبد الرحيم منصور و» ابن النيل» – اللي هو بالمناسبة كان اسم مستعار يستخدمه بليغ حمدي حينما كان يكتب الأغاني والأشعار، لكن الأغنية لم تنل الرضا الجماهيري ربما لعدم وجود «كيمياء» ما بين الجمهور و”الحلو” نفسه الذي أضاع فرصة العمر بل كل فرص العمر التي جاءت إليه.
في عز الشتاء وبداية عام 1981..
تقدم لبليغ حمدي – وبواسطة من الشاعر الكبير عبد الرحيم منصور – فنان شاب أسمر يبلغ من العمر ٢٦ عاما يدعى «محمد منير» ليستأذنه في غناء الأغنية ضمن ألبومه الغنائي الجديد، وكان سبق له وعن طريق «شركة سونار» التي كانت تقدم كل التجارب الموسيقية الجديدة وقتها تقديم ألبوم إسمه «أمانة يا بحر» سنة 1978 – بعد وفاة عبد الحليم بسنة وأم كلثوم بثلاث سنوات» – وتقاسم الألحان فيه هاني شنودة وأحمد منيب وكتب الكلمات الشعراء الكبار عبد الرحيم منصور ومجدى نجيب وسيد حجاب،
وكان الألبوم ثورة في الكلمات والالحان والتوزيع لكن الألبوم فشل، وفى الوقت نفسه نجح هاني شنودة مع ذات الشركة في ألبوم «ماشية السنيورة» لفرقة «المصريين»، وهو النجاح الذى جعل «سونار» تعيد التجربة مع شنودة ومنير وأحمد منيب ومن خلال ألبوم «بنتولد» وحقق النجاح بشكل مبهر، كسر الدنيا، مما شجع الشركة أن تعيد طرح ألبوم «أمانة يا بحر» من جديد ولكن بعد أن غيرت إسمه إلى «علموني عينيكي»، والمفاجأة أن الألبوم نجح!
المهم أن بليغ حمدي وافق على منح الاغنية لمحمد منير، الذى أضطر نتيجة لانشغال هاني شنودة بحفلات فرقة المصريين وبترشيح من الأخير أن يستعين بيحيى خليل وفتحي سلامة وعزيز الناصر والأمريكي مايكل كوكيس وقاموا بإعادة توزيع أغنية «أشكى لمين»، وتنجح الأغنية بل وينجح ألبوم «شبابيك» في صيف عام ١٩٨١ النجاح الأكبر في تاريخ مشوار محمد منير وشركائه في الألبوم.
وبدون مبالغة كان ألبوم شبابيك.. أسطورة مُوسيقية غير قابلة للتكرار، حيث كان أكثر ألبوم تحقيقا للمبيعات في تاريخ شرائط الكاسيت على الإطلاق.
كان ألبوم «عظمة» وشغل فاخر
في الكلمات «عبد الرحيم منصور.. فؤاد حداد.. مجدى نجيب.. شوقي حجاب»، وفى الألحان «أحمد منيب.. بليغ حمدي.. حسين جاسر، يحيى خليل» ومعهم فتحي سلامة الموزع الموسيقى المصري الوحيد الحاصل على جائزة «جرامي اوورد» أهم جائزة في العالم في مجال الموسيقى والغناء..
«شبابيك» وانفتحت لناس كتيره
هاني شنودة يقدم كل فترة مشاريع نجوم شباب، فيرد عليه «عمار الشريعي» بتقديم «فرقة الأصدقاء» وفيها – حنان ومنى عبد الغنى وعلاء عبد الخالق – وأغنية الحدود
«كنت فاكرة يا مصر إني تعبت منك..
واكتشفت إني محال استغنى عنك..
وحشتينا يا مصر .. يا أمنا»!
ويدخل «عزت أبو عوف» الملعب بفرقة (الفور ام ) مع إخواته البنات الأربعة «منال ومنى ومها وميرفت»، ومين ما عجبتهوش «مها» وشقاوتها بمسكتها للصاجات ولا مين ما انسجمش مع أغنية «الوله ده»..
ده غير شغل واكتشافات وإبداعات الأخوين «مودى وحسين حسن الإمام»!
قبل أن يظهر «الحاوي»
( حميد الشاعري )
وكلمة السر الكبرى في المعادلة خاصة في الفترة من عام ١٩٨١ حتى عام ١٩٨٨، حيث بدأ الانتشار الكبير، وقدم ألحانا للمطربين علاء عبدالخالق وعمرو دياب وحسن عبدالمجيد وحنان ومنى عبد الغنى وعلى حميدة ومحمد فؤاد، وإيهاب توفيق ومصطفى قمر وحسام حسنى، وفارس وحكيم وهشام عباس وغيرهم، حسب الشكل الغنائي الذى كان سائدا أيامها، بل وقدم بنفسه أغنيات مثل “جنة” و”جلجلى”، و”سلم دا السلام لله” مع المرحوم علاء عبدالخالق و”عودونى” مع عمرو دياب.
قدم “الشاعري”.. أصواتا غنائية حسبت عليه، ونالت هجوما قاسيا، وسمى ما يقدمونه وقتها بالأغنية الشبابية، واتهمت بإفساد الذوق العام، لكنه كان يقول: ( نحن نلحن ونؤلف ونوزع بعفوية وبساطة ).
أغاني وموسيقى
خليط بين الرومانسية و الشجن والحنين للوطن وللحبيبة والحرية التي كانت حاضرة بقوة في «المزيكا» الخاصة بهؤلاء جميعا أيقونات جيلي السبعينيات الثمانينيات.
جيل كان بيحلم وبيحب وماكنش طماع أو ناقم
كان بيحوش «مصروفه» علشان يجيب شريط الأغاني، ويا سلام لو معاه بوستر للمطرب أو المغنية، ويتمنظر على أصحابه مين جاب الأول، أو يطلع المصيف ومعاه “الووكمان” وااااه لو معاه سماعة الأذن علشان «الروشنة» تكمل!..
جيل السبعينيات الثمانينيات ومعهم نصف جيل الستينيات تلك كانت الموسيقى التصويرية الخاصة به وبزمنهم!.
جيل أغلبه فتح عينيه أو ولد مع زمن الإنتصار «نصر أكتوبر ١٩٧٣» الذى مسح «هزيمة ١٩٦٧»
فعانقت أحلامه وطموحاته عنان السماء..
جيل حلم وتمنى وقاوم وحاول التغيير ولم يفقد الأمل قبل أن يأتي من يجرفهم بلا رحمة ويقتل كل الأماني بداخلهم
لا.. بل ويطلق عليهم رصاصة الرحمة كما تقتل الخيول
وينقلهم إلى خانة:
“الناس البركة، بتاعت زمان»!.
وحتى هذه الخانة لم يحصلوها أو يشعروا بها..
ومعدش فاضل ليه غير شوية شرائط كاسيت وشوية أغاني.