إبراهيم عكاشة يكتب: إدّعوا بناء حضارة مصر القديمة ونسوا يبنون في بلادهم
هجمة شرسة يشهدها التاريخ المصري القديم على يد مجموعات أصفها بالكوميدية، انتشرت بكثافة مؤخرا لإدعاء ملكيتهم للتاريخ المصري.
لن أعدد المواقف فجميعنا شهدها من زياراتهم للهرم والمتحف المصري وكتاباتهم الطريفة التي تسلينا أكثر ما تضايقنا.
فبؤس فكر الآخرون أحيانا يكون مسلي كنوع من جلد الذات لأنفسنا وقت فراغنا.
ولكن هذا ليس معناها عدم التصدي لفكرهم البائس ومحاولة إفاقتهم من وقت لآخر.
لن أخوض في غمار التاريخ المكتوب والمنحوت والمثبت للعالم أجمع ولكن سأسأل هؤلاء المضحكين سؤال واحد فقط.
أجئت لمصر القديمة لتبني حضارة ونسيت أن تبني ولو مسلة يتيمة في بلدك؟
الرومان مثلا احتلوا مصر..
ومع ذلك لم ينسبوا الحضارة المصرية القديمة لهم.
أتعلم لماذا؟
لأنهم بنوها في بلادهم ولا يحتاجون لسرقة تاريخ أحد.
أنت أيها المتنطع الذي تحاول سرقتنا.. أين حضارتك على أرضك؟
لماذا لا يوجد عندك ولو معبد قديم؟
أبنيتم حضارتنا وفقدتم الذاكرة بعدها؟
أي كلام يلزمه دليل.. وإلا من السهل أن ندعي كمصريين أننا أصل الحضارة الصينية القديمة مثلا، (وإن كان لنا معها تشابكات تاريخية بالفعل)، ورغم ذلك لم ندع هذا الإدعاء حتى لا يضحك علينا العالم أولا وثانيا لدينا ما يكفينا من تاريخ وحضارة قديمة لنفتخر بها ولا نحتاج للسطو على حضارات أخرى.
هنا مربط الفرس..
“من لا يملك تاريخ، هو من يسطو على حضارات الآخرين”.
إنها عملية نفسية بسيطة لا تحتاج بحث كثير.
فلا تجد مثلا الأوربيين يحاولون السطو على حضارة أخرى.. لا تجد الصينيين يحاولون السطو على حضارة أخرى.. لن ترى العراقيين يحاولون السطو على حضارة أخرى.. لن تجد حتى أحفاد شعب المايا يحاول السطو على حضارة أخرى.
واخيرا لن تجد المصريين يحاولون السطو على حضارة أخرى.
ولماذا يسطو أصحاب الحضارات على حضارات أخرى وهم يملكون بالفعل حضارة؟
فقط الشعوب المتنطعة هي من تحاول هذا العمل المشين للتمسك في أي حضارة والاستناد عليها.
انها عادة من لا يملك أصل.
حتى في حياتنا اليومية الحالية.. من لا يملك تاريخ لعائلته تجده يحاول التمسح في اسم أي عائلة عريقة ولو باستغلال تشابه الأسماء.
لن تجد عائلة عريقة تحاول التمسح في اسم عائلة أخرى.
من حق العائلة صاحبة التاريخ أن تدافع عن نقاء اسمها إذا حاول أحد اللصوص المتنطعين استغلال اسمها.
وهذا ما نفعله الآن كشعب مصر العظيم.. نحافظ على نقاء التاريخ المصري.
النقطة المهمة في الموضوع هو محاولة كيانات كبرى دولية وأممية مساعدة هؤلاء كرهاً في الحضارة المصرية القديمة التي تملك الاسم العالمي الجذاب دائماً لشعوب العالم.
لذلك أيها المصري الأصيل أطلب منك طلباً واحداً..
لا تستخدم مصطلحات مثل “العبيد” أو “الزنوج” في دفاعك عن تاريخك، فهذا هو الباب الخلفي التي ستستخدمه هذه الكيانات الدولية لنصرة لصوص الحضارات، تحت عنوان انهم ينصرون ويحافظون عليهم من العنصرية والتنمر وسينتصرون بهذه الكلمات لأنها الكلمات الأكثر شيوعاً الآن في العالم حينما تريد قلب الحق باطل والباطل حق.
دافع عن اسمك وتاريخ دون التجريح في أحد، مثلما تخوض خصومة ضد أحد ولا تريد أن يمسك عليك خطأ يدينك بالباطل فيما بعد.
دافع بشراسة عن تاريخك.. ولكن بذكاء.
كن مطمئن وأنت تدافع عن قضيتك العادلة.. فتاريخك محفور على الحجر.